تعديل

الأحد، 16 سبتمبر 2012

قضاء علي (عليه السلام) نموذج من قضاء الانبياء

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على خاتم الرسل وسيد الانام وعلى آله السادة الكرام واللعنة الدائمة على اعدائهم اجمعين من الاولين الى قيام يوم الدين

قال الله الحكيم في كتابه الكريم:{ يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ }
و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: «إنما أقضى بينكم بالبيّنات والأيمان، وبعضكم ألحن بحجّته من بعض، وأيّما رجل قطعت له قطعةً فإنما أقطع له قطعة من نار»(3).
نظراً لما جاء من قول الله تعالى مخاطبا به نبيه داود (عليه السلام) وما اكد عليه خاتم الانبياء (محمد صلى الله عليه وآله ) من أنه لابد ان يكون القضاء بمطالبة المتداعين بالبينة
وبما اننا نعتقد انه لا تخلو الارض من حجة لله يقيم احكامه وان الامام علي (عليه السلام هو الحجة التامة على اقامة تبيان احكام الله والعمل بما امر جل شأنه, فلذا نرى ان اروع ما يروى في حقه (عليه السلام) عدله وانصاف قضائه والتثبت في ابداء الحكم مع انه (عليه السلام) عالم بما في انفس الناس من حقائق ودلائل لكنه لم يكن ان يحكم بما في علمه الوجداني بل ليبين ان الحكم للناس على الناس من قبل الحاكم أو القاضي لابد ان يستند الى دليل قاطع وبينة حتمية
فعن الأصبغ بن نباتة انه يروي لنا مدى دقة ومحذورية القضاء وما كان يصنع الامام علي (عليه السلام) في مجلس القضاء, قال الأصبغ بن نباتة: كنت جالساً عند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه الصلاة والسلام) وهو يقضي بين الناس اذ أقبل جماعة و معهم أسود مشدود الأكتاف فقالوا هذا سارق يا أمير المؤمنين ، فقال (عليه الصلاة و السلام) : يا أسود سرقت ، قال : نعم يا مولاي قال : ويلك انظر ماذا تقول أسرقت ، قال : نعم ، فقال له : ثكلتك أمك إن قلتها ثانية قطعت يدك سرقت ، قال : نعم ، فعند ذلك قال (عليه الصلاة والسلام) : اقطعوا يده فقد وجب عليه القطع ، قال : فقطع يمينه فأخذها بشماله وهي تقطر فاستقبله رجل يقال له ابن الكواء فقال له: يا أسود من قطع يمينك ، قال له : قطع يميني سيد المؤمنين وقائد الغر المحجلين وأولى الناس باليقين سيد الوصيين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه الصلاة والسلام) أمام الهدى وزوج فاطمة الزهراء إبنة محمد المصطفى أبوالحسن المجتبى وأبو الحسين المرتضى السابق إلى جنات النعيم مصادم الأبطال المنتقم من الجهال ، زكي الزكاة ، منيع الصيانة ، من هاشم القمقام ، ابن عم رسول الأنام، الهادي إلى الرشاد ، الناطق بالسداد ، شجاع كمي جحجاح وفي ، فهو أنور بطين ، أنزع أمين من حم و يس وطه و الميامين محل الحرمين ومصل بالقبلتين خاتم الأوصياء لصفوة الأنبياء ، القسوة الهمام و البطل الضرغام المؤيد بجبرائيل و المنصور بميكائيل المبين فرض رب العالمين المطفي نيران الموقدين وخير من مشى من قريش أجمعين المحفوف بجند من السماء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه الصلاة والسلام) على رغم أنف الراغمين و مولى الخلق أجمعين ، قال : فعند ذلك قال له ابن الكواء ويلك يا أسود قطع يمينك وأنت تثنى عليه هذا الثناء كله ، قال : ومالي لا أثنى عليه وقد خالط حبه لحمي ودمي و الله ما قطع يميني إلا بحق أوجبه الله تعالى علي ، قال ابن الكواء فدخلت إلى أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام) وقلت له يا سيدي رأيت عجباً، فقال : وما رأيت ، قلت : صادفت الأسود وقد قطعت يمينه وقد أخذها بشماله وهي تقطر دماً ، فقلت : يا أسود من قطع يمينك ، فقال : سيدي أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام) فأعدت عليه القول وقلت له : ويحك قطع يمينك و أنت تثني عليه هذا الثناء كله ، فقال : مالي لا أثنى عليه وقد خالط لحمي و دمي و الله ما قطعها إلا بحق أوجبه الله تعالى فالتفت أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام) إلى ولده الحسن وقال له : قم وهات عمك الأسود ، قال : فخرج الحسن (عليه الصلاة والسلام) في طلبه فوجده في موضع يقال له كندة ، فأتى به إلى أمير المؤمنين ، فقال : يا أسود قطعت يمينك و أنت تثني علي ، فقال : يا مولاي يا أمير المؤمنين و مالي أثني عليك وقد خالط حبك لحمي و دمي فو الله ما قطعتها إلا بحق كان علي مما ينجي من عذاب الآخرة ، فقال (عليه الصلاة والسلام) هات يدك ، فناوله إياها فأخذها ووضعها في الموضع الذي قطعت منه ثم غطاها بردائه وقال (عليه الصلاة والسلام) ودعا بدعوات لم تردد وسمعنا يقول في آخر دعائه آمين ثم شال الرداء وقال أتصلي أيتها العروق كما كنت ، قال : فقام الأسود وهو يقول آمنت بالله وبمحمد رسوله وبعلي الذي رد اليد بعد القطع و تخليتها من الزند ثم انكب على قدميه وقال : بأبي أنت و أمي يا وارث علم النبوة.
ــــــــــــــــــــــ
(1) الكافي 7 / 414، حديث 1، باختلاف في الألفاظ.
(2) الفضائل لابن شاذان ، ص 172 ،

السبت، 15 سبتمبر 2012

الشيخ سليمان النجدي يكفر عمر!!!

              بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين    

  ادعى الشيخ سليمان النجدي اختصاص التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله دون غيره؟فيجوز التوسل بالنبي حصرا ولا يجوز التوسل بغيره بل هذا كفر مبين؟ويرد عليه انهم يرون فعل عمر بن الخطاب حجة لما يروونه من حديث (عليكم بسنة ابي بكر وعمر)ونحن لا نريد مناقشة هذا القول لكننا نجد في صحيح البخاري: أن عمر بن الخطاب كان إذا قحطوا استسقى بالعباس، فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا صلى الله عليه وآله إذا قحطنا فسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، قال: فيسقون.وفي خلاصةالكلام عن العلامة القسطلاني ـ في المواهب: أن عمر لما أستسقى بالعباس قال: أيها الناس إن رسول كان يرى للعباس ما يرى الولد للوالد، فاقتدوا به في عمه العباس،واتخذوه وسيلة إلى الله.ففيه التصريحب التوسل بغير النبي، لأن فعل عمر حجة عندهم، بل وفعل الصحابة، لقول النبي صلى الله عليه وآله : أصحابي كالنجوم.بأيهم اقتديتم اهتديتم.ومع ذلك فهليتوهم أن هؤلاء الذين التجوا بالنبي عند القحط أشركوا في توسلهم؟ أو أنهم أعرضواعن قوله تعالى: (ادعوا ربكم) وقوله تعالى: (فلا تدعوا مع الله أحداً) .

أو أن عمر أراد من ضمه العباس في الدعاء الشرك بالله؟ أو أنه لم يعرف من معالم الدين قدر ما فهمه الوهابيون؟

 

من نصدّق البخاري ام عائشة؟

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين

ان من الافتراءات التي افتريت على نبي الرحمة ما يخالف عصمته وأخلاقه ( صلى الله عليه وآله ) الذي شهد له بها الله جل شأنه حيثُ قال تعالى : { وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ } [القلم : 4] وقوله تعالى: { إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُّسْتَقِيمٍ } [الحج : 67]
ومن ثم ترى القوم يرون ويجعلون ما يرونه صحيحاً في كتبهم لكن لنكشف النقض بين ما يرون من رواية الى أخرى وكل تلك عندهم صحاح فأين الصحيح من أين .

1-الهيثمي - مجمع الزوائد - الجزء : ( 1 ) - رقم الصفحة : (206) 1015- عن عمر قال : ما بلت قائماً منذ أسلمت ، رواه البزار ورجاله ثقات .
2-محي الدين النووي - المجموع - الجزء : ( 2 ) - رقم الصفحة : ( 84 ) - ويغني عن هذا حديث عائشة ( ر ) قالت : من حدثكم أن النبي ( صلى الله عليه وآله )كان يبول قائماً فلا تصدقوه ما كان يبول إلا قاعدا ، رواه أحمد والترمذي والنسائي وأبن ماجة والبيهقي وغيرهم وإسناده جيد وهو حديث حسن .

وفي المقابل هناك عشرات الروايات التي تبين ان النبي (صلى الله عليه واله) كان يبول واقفا!!!!!!!!
1-صحيح البخاري - الحيض - مباشرة الحائض - رقم الحديث : ( 291 )
‏- حدثنا ‏ ‏إسماعيل بن خليل ‏ ‏قال أخبرنا ‏ ‏علي بن مسهر ‏ ‏قال أخبرنا ‏ ‏أبو إسحاق هو الشيباني ‏ ‏عن ‏ ‏عبد الرحمن بن الأسود ‏ ‏عن ‏ ‏أبيه ‏عن عائشة ‏ ‏قالت : كانت إحدانا إذا كانت حائضا فأراد رسول الله ‏ (صلى الله عليه وآله) ‏ ‏أن يباشرها ‏ ‏أمرها أن تتزر في ‏‏فور ‏حيضتها ثم يباشرها قالت وأيكم يملك ‏ ‏إربه ‏ ‏كما كان النبي ‏(صلى الله عليه وآله) ‏ ‏يملك ‏ ‏إربه ، تابعه ‏ ‏خالد ‏ ‏وجرير ‏ ‏عن ‏ ‏الشيباني.
2-صحيح البخاري - الحيض - مباشرة الحائض - رقم الحديث : ( 292 )
‏- حدثنا ‏ ‏أبو النعمان ‏ ‏قال حدثنا ‏ ‏عبد الواحد ‏ ‏قال حدثنا ‏ ‏الشيباني ‏ ‏قال حدثنا ‏ ‏عبد الله بن شداد ‏ ‏قال سمعت ‏ ‏ميمونة ‏ ‏تقول : ‏كان رسول الله(صلى الله عليه وآله) ‏ ‏إذا أراد أن يباشر امرأة من نسائه أمرها فاتزرت وهي حائض ، ‏ورواه ‏ ‏سفيان ‏ ‏عن ‏ ‏الشيباني ‏.

فمن نصدّق عائشة أو البخاري؟

الشيعة في أحاديث أهل البيت ( عليهم السلام )

             بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين

التزيّن بإتباع أهل البيت ( عليهم السلام ) هو أن يجعلَ الانتساب إليهم وموالاتهم زينة لهم وفخراً بين الناس ، ولا زينة أرفع من ذلك ، فمن اراد التزين بتلك الصفات عليه ان يلاحظ ما خطته روايات أئمة أهل البيت ( عليه السلام ) لتصف بها الشيعة الموالين لها لينال كل من اتصف بتلك الصفات شرف كونه حصل على رتبة الوصول الى رحيق نور أهل البيت ( عليهم السلام ) ليكون حقاً من شيعتهم .
والروايات التي تذكر شيعة علي ( عليه السلام )كثيرة منها :
عن ميسرة قال : قال ابو جعفر عليه السلام : يا ميسر ألا أخبرك بشيعتنا ؟ قلت : بلى جعلت فداك ، قال : أنهم حصون حصينة ، في صدور امينة ، واحلام رزينة ، ليسوا بالمذاييع البذر ولا بالجفاة المرأتين ، رهبان بالليل ، أسد بالمهار ، والبذر القوم الذين لايكتمون الكلام .
عن ابى عبدالله عليه السلام قال : ان شيعة علي خمص البطون ذبل الشفاه من الذكر . عنه عليه السلام قال :ان أصحاب علي كانوا المنظور اليهم في القبايل ، وكانوا أصحاب الودايع ، مرضيين عند الناس سهار الليل مصابيح النهار .
وقال ابن حجر في الصواعق : ((اخرج الطبراني عن علي ( عليه السلام )ان خليلي رسول اللّه قال: يا علي إنك ستقدم على اللّه وشيعتك راضين مرضيين ويقدم عليه أعداؤك غضابي مقمحين))
الخصال وج 15 كتاب الكفر ص 30. : عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: ما ابتلى الله به شيعتنا فلن يبتليهم بأربع: بأن يكونوا لغير رشدة، وأن يسألوا بأكفّهم، وأن يؤتوا في أدبارهم، وأن يكون فيهم أخضر أزرق .
الخصال ج 16/123، وج 20/40 : عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: ماكان في شيعتنا فلا يكون فيهم ثلاثة أشياء: لايكون فيهم من يسأل بكفّه، ولايكون فيهم بخيل، ولايكون فيهم من يؤتى في دبره .
ثواب الأعمال ط كمباني ج 15 كتاب العشرة ص 211: عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: إنّ الله عزّوجلّ لم يبتل شيعتنا بأربع: أن يسألوا الناس في أكفّهم، وأن يؤتوا في أنفسهم، وأن يبتليهم بولاية سوء، ولايولد لهم أزرق أخضر .
الخصال وط كمباني ج18 كتاب الطهارة ص134: عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: إنّ الله عزّوجلّ أعفى شيعتنا من ستّ: من الجنون، والجذام، والبَرَص، والاُبنة، وأن يولد له من زنا، وأن يسأل الناس بكفّه .
الخصال وط كمباني ج 20/40: عن المفضّل، عن الصّادق(عليه السلام) قال: إلاّ أنّ شيعتنا قد أعاذهم الله عزَّوجلَّ من ستّ: من أن يطمعوا طمع الغراب، أو يهرّوا هرير الكلب، أو أن ينكحوا في أدبارهم، أو يولدوا من الزنا، أو يولد لهم من الزنا، أو يتصدّقوا على الأبواب .
عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: شيعتنا ثلاثة أصناف: صنف يأكلون الناس بنا، وصنف كالزجاج ينهشم، وصنف كالذهب الأحمر، كلّما اُدخل النار ازداد جودة . وتقدّم في «أكل» ما يتعلّق بذلك.
عن ابى بصير قال ابوعبد الله ( عليه السلام )إياك والسفلة من الناس ، قلت : جعلت فداك وما السفلة ؟ قال : من لايخاف الله انما شيعة جعفر من عف بطنه وفرجه وعمل لخالقه وإذا رأيت أولئك فهم أصحاب جعفر .
عن ابى عبد الله ( عليه السلام ) " سأله فروة بأي شئ يعرفون شيعتك ؟ قال الذين يأتونا من تحت أقدامنا " .
عن ابى عبدالله بن بكير قال : قال ابوالحسن ( عليه السلام ) يا بن بكير أنى لأقول قولا قد كانت آبائي عليهم السلام تقوله : لو كان فيكم عدة اهل بدر لقام قائمنا يا عبدالله انا نداوي الناس ونعلم ما هم ، فمنهم من يصدقنا المودة ويبذل مهجته لنا ومنهم من ليس في قلبه حقيقة ما يظهر بلسانه ومنهم من هو عين لعدونا علينا يسمع حديثنا وان أطمع في شئ قليل من الدنيا كان اشد علينا من عدونا ، وكيف يرون هؤلاء السرور وهذه صفتهم ، ان للحق أهلا وللباطل اهلا ، فأهل الحق في شغل عن اهل الباطل ينتظرون امرنا ويرغبون إلى الله ان يروا دولتنا ليسوا بالبذر المذيعين ولا بالجفاة المرائين ، ولا بنا مستأكلين ، ولابالطمعين ، خيار الامة نور في ظلمات الارض ، ونور في ظلمات الفت ، ونور هدى يستضأ بهم ، لايمنعون الخير اوليائهم ، ولايطمع فيهم اعداؤهم ، ان ذكرنا بالخير استبشروا وابتهجوا واطمأنت قلوبهم وأضاءت وجوههم ، وان ذكرنا بالقبح اشمئزت قلوبهم واقشعرت جلودهم وكلحت وجوههم وابدوا نصرتهم وبدا ضمير افئدتهم ، وقد شمروا فاحتذوا بحذونا ، وعملوا بأمرنا تعرف الرهبانية في وجوههم ، يصبحون في غير ما الناس فيه ويمسون في غير ماالناس فيه ، يجأرون إلى الله في اصلاح الامة بنا ، وان يبعثنا الله رحمة للضعفاء والعامة ، يا عبدالله اولئك شيعتنا واولئك منا ، واولئك حزبنا ، والئك اهل ولايتنا .
وقال الصادق ( عليه السلام )إنما شيعة علي من عف بطنه وفرجه ، واشتد جهاده ، وعمل لخالقه ورجا ثوابه ، وخاف عقابه ، فاذا رأيت اولئك فاولئك شيعة جعفر .
عن محمد بن علي الباقر ( عليه السلام )انه قال لجابر : ايكتفي من انتحل التشيع ان يقول بحبنا اهل البيت ، فوالله ما شيعتنا إلامن اتقى الله واطاعه ، وما كانوا يعرفون إلا بالتواضع والتخشع وكثرة ذكر الله والصوم والصلاة والنعهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة والغارمين والايتام وصدق الحديث وتلاوة القرآن وكف الالسن عن الناس إلامن خير وكانوا أمناء عشايرهم في الاشياء .
وروى ابن حجر في أول صواعقه المحرقة له عن علي عليه السلام فقال : قال إن خليلي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : ( يا علي إنك ستقدم على الله وشيعتك راضين مرضيين ، ويقدم عليه أعداؤك غضبى مقمحين ) .
وروى الخوارزمي أيضا " في مناقبه - في حديث طويل - بسنده عن ابن عباس يرفعه : إن جبرئيل أخبر أن عليا " يزف هو وشيعته إلى الجنة زفا " مع محمد ( صلى الله عليه وآله ) .
أخرج الحاكم في كتابه بالإسناد إلى علي عليه السلام ، قال : قبض رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأنا مسنده إلى صدري ، فقال : ( يا علي ألم تسمع قول الله تعالى : ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية ) ؟ هم [ أنت ] وشيعتك ، وموعدي وموعدكم الحوض ، [ إذا اجتمعت الأمم للحساب ] تدعون غرا " محجلين )
روى ابن الحجر في الصواعق المحرقة له عن ابن عباس أنه قال : لما أنزل الله تعالى : ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية ) الخ . قال رسول الله لعلي عليه السلام : هم أنت وشيعتك ، تأتي أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين ، ويأتي أعداؤك غضابا " مقمحين . قال : من عدوي ؟ قال : من تبرأ منك ولعنك .
أحمد بن عبيد الله بن داود : لم يذكروه ، وقع في طريق الطبري في بشارة المصطفى ص 157 عن محمد بن عبد الله بن علي السجستاني المروزي ، عنه ، عن إسماعيل بن بشر البلخي ، عن أحمد بن يعقوب الحديث النبوي ( صلى الله عليه وآله) : لله عمودا " من ياقوته حمراء لا ينالها إلا علي وشيعته .
روى ابن بابويه في أواخر الفقيه وفي كتاب إكمال الدين بإسناده عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) انه قال في وصيته لعلي :
( يا علي أعجب الناس إيمانا وأعظمهم يقينا قوم يكونون في آخر الزمان لم يلحقوا النبي وحجب عنهم الحجة فآمنوا بسواد على بياض )

أكمال الدين عن عيون أخبار الرضا ( عليه السلام )وط كمباني ج 9 / 123: دعاء مولانا الصادق ( عليه السلام ): يادان غير متوان ، يا أرحم الراحمين ، اجعل لشيعتي من النار وقاء ولهم عندك رضى ، واغفر ذنوبهم ويسر أمورهم ، واقض ديونهم ، واستر عوراتهم ، وهب لهم الكبائر – الدعاء
كما في البحار وط كمباني ج 9 / 191 . عن الباقر ( عليه السلام )في فضل الشيعة : وأن لكل شئ شرف وشرف الدين الشيعة ، ولكل شئ عروة وعروة الدين الشيعة .
كتاب المحاسن وط كمباني ج 15 كتاب العشرة ص 103 : قال أبو جعفر الباقر ( عليه السلام )لأبي المقدام : والله لأن أطعم رجلا من شيعتي أحب إلي من أن أطعم أفقا من الناس . قلت : كم الأفق ؟ قال : مائة ألف .
جامع الأخبار ط كمباني ج 7 / 355 : الصدوق بإسناده ، عن جابر الأنصاري ، قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : إن الله خلقني ، وخلق عليا وفاطمة والحسن والحسين والأئمة صلوات الله وسلامه عليهم من نور ، فعصر ذلك النور عصرة فخرج منه شيعتنا ، فسبحنا وسبحوا ، وقدسنا فقدسوا ، وهللنا فهللوا ، ومجدنا فمجدوا ، ووحدنا فوحدوا ، ثم خلق الله السماوات والأرضين ، وخلق الملائكة فمكثت الملائكة مائة عام لا تعرف تسبيحا ولا تقديسا ولا تمجيدا ، فسبحنا وسبحت شيعتنا فسبحت الملائكة .
كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة معا وط كمباني ج 7 / 81 : عن جابر ، عن أبي جعفر ( عليه السلام )في قوله عز وجل : * ( فسلام لك من أصحاب اليمين ) * قال : هم الشيعة . وفي رواية أخرى عنه ( عليه السلام )في هذه الآية : هم شيعتنا ومحبونا .
عن الصادق ( عليه السلام )في شفاعة شيعة أمير المؤمنين ( عليه السلام )في تخليص من كان له يد عليهم من أهل جهنم وط كمباني ج 3 / 136 .
الكافي جديد ج 70 / 97 ، و ج 78 / 175 ، وط كمباني ج15 : عن جابر ، عن أبي جعفر ( عليه السلام )قال : قال لي : يا جابر أيكتفي من ينتحل التشيع أن يقول بحبنا أهل البيت ، فوالله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه ، وما كانوا يعرفون يا جابر إلا بالتواضع والتخشع والأمانة وكثرة ذكر الله والصوم والصلاة .
لكافي وط كمباني ج 5 / 398 : عن أبي يحيى كوكب الدم ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : إن حواري عيسى كانوا شيعته ، وإن شيعتنا حواريونا وما كان حواري عيسى بأطوع له من حوارينا لنا ، وإنما قال عيسى للحواريين : من أنصاري إلى الله ؟ قال الحواريون : نحن أنصار الله ، فلا والله ما نصروه من اليهود ولا قاتلوهم دونه ، وشيعتنا والله لم يزالوا منذ قبض الله عز ذكره رسوله ينصرونا ويقاتلون دوننا ويحرقون ويعذبون ويشردون في البلدان جزاهم الله عنا خيرا .
تفسير العياشي جديد ج 70 / 58 ، وط كمباني ج 15 كتاب الأخلاق ص 39: عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : إنما شيعتنا أصحاب الأربعة الأعين ، عين في الرأس ، وعين في القلب ، ألا والخلائق كلهم كذلك ، ألا وإن الله فتح أبصاركم وأعمى أبصارهم .
من كتاب صفات الشيعة جديد ج 68 / 154 ، وص 167 ، وص 168 ، وص 187 : عن الرضا ( عليه السلام ) قال : شيعتنا المسلمون لأمرنا ، الآخذون بقولنا ، المخالفون لأعدائنا ، فمن لم يكن كذلك فليس منا .
من كتاب صفات الشيعة جديد ج 68 / 154 ، وص 167 ، وص 168 ، وص 187 : عن الصادق ( عليه السلام )قال : والله ما شيعة علي ( عليه السلام ) إلا من عف بطنه وفرجه وعمل لخالقه ، ورجا ثوابه ، وخاف عقابه
صفات الشيعة جديد ج 68 / 153 ، وص 167 : عن أبي بصير قال : قال الصادق ( عليه السلام ): شيعتنا أهل الورع والاجتهاد ، وأهل الوفاء والأمانة ، وأهل الزهد والعبادة ، أصحاب إحدى وخمسين ركعة في اليوم والليلة ، القائمون بالليل ، الصائمون بالنهار ، يزكون أموالهم ، ويحجون البيت ، ويجتنبون كل محرم .
تحف العقول جديد ج 78 / 175 ، وط كمباني ج 17 / 164 : ومن كلمات مولانا الباقر ( عليه السلام ): والله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه ، وما كانوا يعرفون إلا بالتواضع والتخشع ، وأداء الأمانة ، وكثرة ذكر الله والصوم والصلاة ، والبر بالوالدين ، وتعهد الجيران من الفقراء وذوي المسكنة ، والغارمين والأيتام ، وصدق الحديث ، وتلاوة القرآن ، وكف الألسن عن الناس إلا من خير ، وكانوا امناء عشائرهم في الأشياء .
كنز الكراجكي جديد ج 78 / 28 ، وط كمباني ج 17 / 123 : قال ( عليه السلام )لنوف البكالي : أتدري يا نوف من شيعتي ؟ قال : لا والله . قال : شيعتي الذبل الشفاه ، الخمص البطون الذين تعرف الرهبانية ، والربانية في وجوههم ، رهبان بالليل ، أسد بالنهار .
قال أمير المؤمنين : بينما نحن عند النبي هو يجود بنفسه و هو سجى بثوب ملاه خفيفة على وجهه ، فمكث ما شاء الله ان ينكث و نحن حوله بين باك و مسترجع ، إذ تكلم و قال : ابيضت وجوه و اسودت وجوه و سعد أقوام و شقي آخرون : أصحاب الكساء الخمسة أنا سيدهم - و لا فخر عترتي أهل بيتي السابقون المقربون يسعد من اتبعهم و شايعهم على ديني و دين آبائي ... مبغض علي و آل علي فى النار و محب علي و آل علي في الجنة ، ثم سكت , ومات . بحار7 ج 22، ص 494.
قال على (عليه السلام) : ... عهد الى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يوم توفى و قد أسندته الى صدري و رأسه و عند أذني و قد أصغت المرأتان لتسمعا الكلام فقال رسول الله : اللهم سد مسامعهما ثم قال ياعلي ! ارايت قول الله تعالى (ان الذين آمنوا و عملوا الصالحات أولئك هم خير البرية ) أتدري من هم ؟ قلت : الله و رسوله اعلم قال فأنهم شيعتك و أنصارك ، و موعدي و موعدهم الحوض يوم القيامة إذا جيئت الأمم على ركبها و بد الله في عرض خلقه و دعا الناس الى ما لابد لهم فيدعوك و شيعتك فتجيئوني غرا محجلين شباعاً مرويين .... كتاب سليم بن قيس ، ص 212.
عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن أبيه قال: قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يا علي مثلك في أمتي مثل المسيح عيسى [بن مريم] افترق قومه ثلاث فرق: فرقة (مؤمنون وهم الحواريون) ، وفرقة عادوه وهم اليهود وفرقة غلوا فيه فخرجوا عن الإيمان، وإن أمتي ستفترق فيك ثلاث فرق: فرقة شيعتك وهم المؤمنون، وفرقة أعداؤك وهم الشاكون، وفرقة غلاة فيك فهم الجاحدون. وأنت يا علي وشيعتك ومحبو شيعتك في الجنة (وأعداؤك الغلاة في محبتك) في النار. رواه ورواه الخوارزمى في المناقب: 226 باسناده إلى ابن شاذان، عنه مصباح الانوار: 23 (مخطوط) وينابيع المودة: 109.
حدثنا أبي أحمد بن عامر [ بن سليمان حدثنا أبوالحسن علي بن موسى الرضا ، حدثني أبي موسى بن جعفر حدثني أبي جعفر بن محمد حدثني أبي محمد بن علي حدثني أبي علي بن الحسين ، حدثني أبي الحسين بن علي ، حدثني أبي على بن أبي طالب عليه السلام قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يا علي ان الله قد غفر لك ولاهلك ولشيعتك ومحبى شيعتك ومحبي محبى شيعتك ، وابشر فانك الانزع البطين ، منزوع من الشرك ، بطين من العلم . أخرج الديلمي - كما في ص 96 من الصواعق المحرقة .
وعن الإمام موسى الكاظم عليه السّلام : إنّما شيعتنا مَن شَيَّعَنا ، واتّبع آثارنا ، واقتدى بأعمالنا .
وعن الإمام الحسن العسكريّ عليه السّلام قال : شيعة عليٍّ عليه السّلام همُ الذين يُؤْثرون إخوانَهم على أنفسهم ولو كان بهم خَصاصة ، وهمُ الذين لا يراهمُ اللهُ حيث نهاهم ، ولا يفقدهم حيث أمَرَهم ، وشيعة عليٍّ همُ الذين يقتدون بعليٍّ عليه السّلام في إكرام إخوانهمُ المؤمنين .



 

بشارات عظيمة لشيعة علي ح2

         بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على محمد خير خلقة وعلى آله الطيبين الطاهرين  

ان من منن الله على العبد ان يجعله مواليا لعلي بن أبي طالب ( عليه السلام ) اذ جعل الله لمن شايع علي أجراً وثواباً عظيمين تبينه لنا الروايات نذكر هذه الطائفة الثالثة منها :
وقال الباقر (عليه السلام): لفاطمة وقفةٌ على باب جهنم ، فإذا كان يوم القيامة كتب بين عيني كل رجل مؤمن أو كافر ، فيُؤمر بمحبّ قد كثُرت ذنوبه إلى النار ، فتقرأُ بين عينيه محبّاً فتقول : إلهي وسيدي !.. سمّيتني فاطمة ، وفطمتَ بي مَن تولاّني وتولّى ذريتي من النار ، ووعدُك الحقّ وأنت لا تخلف الميعاد ، فيقول الله عزّ وجلّ : صدقتِ يا فاطمة ، إني سميتك فاطمة ، وفطمت بكِ مَن أحبك وتولاّك وأحبّ ذريتك وتولاّهم من النار ، ووعدي الحقّ وأنا لا أخلف الميعاد ، وإنما أمرت بعبدي هذا إلى النار، لتشفعي فيه فأُشفّعك ، ليتبيّن لملائكتي وأنبيائي ورسلي وأهل الموقف موقفك مني ومكانتك عندي ، مَن قرأت بين عينيه مؤمناً فجذبت بيده وأدخلته الجنة . (1)
و قال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : كأني أنظر إلى ابنتي فاطمة وقد أقبلت يوم القيامة على نجيب من نور ، عن يمينها سبعون ألف ملَك ، وعن يسارها سبعون ألف ملَك ، وخلفها سبعون ألف ملَك ، تقود مؤمنات أمتي إلى الجنة ، فأيّما امرأة صلّت في اليوم والليلة خمس صلوات ، وصامت شهر رمضان ، وحجّت بيت الله الحرام ، وزكّت مالها ، وأطاعت زوجها ، ووالت عليّا بعدي ، دخلت الجنة بشفاعة ابنتي فاطمة(2) .
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا كان يوم القيامة وُلّينا حساب شيعتنا ، فمن كانت مظلمته فيما بينه وبين الله عزّ وجلّ ، حكمنا فيها فأجابنا ، ومَن كانت مظلمته فيما بينه و بين الناس ، استوهبناها فوُهبت لنا ، ومن كانت مظلمته فيما بينه وبيننا كنا أحقّ مَن عفا و صفح (3)
دخل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ذات يوم ضاحكاً في بيت عليّ (عليه السلام) فقال: قدمت لأبشّرك يا أخي بأن جبرئيل نزل بي من ساعتي هذه برسالة من عند الله، وهي أن الله تعالى يقول: يا أحمد، بشّر عليّاً بأن أحبّائك مطيعهم وعاصيهم من أهل الجنّة، فسجد عليّ شكراً لله، وقال: اللهم اشهد فإنّي قد أعطيتهم نصف حسناتي. فقالت فاطمة (عليها السلام) اللهم اشهد وأنا قد أعطيتهم نصف حسناتي. فقال الحسن والحسين(عليهما السلام): ونحن قد أعطيناهم نصف حسناتنا. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ولستم بأكرم منّي، وأنا قد أعطيتهم حسناتي، فنزل جبرئيل فقال: يا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، إن الله تبارك وتعالى يقول: لستم بأكرم منّي، وقد غفرت سيّئات محبّي عليّ وأرزقهم الجنّة ونعيمها (4).
جَاء رَجُل للإمام الرِضّا (عليه السلام)
وقَال: أنتُم تقولوا لا يدخل النار من كان في قلبه حب علي وأولاد علي
قَال (عليه السلام): نَعم
قَال : وإن كان فاسِقاً
قَال (عليه السلام) : يَبتليه الله بـِ بَلاء في الدنيا و يذهبْ للآخرة طاهراً
قَال : وإن لَم يَحصل ذَلك
قَال (عليه السلام) : عند تغسيله بالماء البَارد يتحول عليه نار فيأتينا طاهراً
قَال : وإن لَم يحصل ذلك
قال (عليه السلام): يضغط الله قَبره حتى يأتينا طاهرا
قَال : وإن لم يحصل ذلك
قَال (عليه السلام): نشفع له رغماً عن أنفك (5)
روى ابن بابويه في بشارات الشيعة باسناده عن محمد بن حمران ، عن أبي عبدالله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) قال : خرَجتُ أنا وأبي ذات يوم الى المسجد فاذا هو بأصحابه بين القبر والمنبر ، قال : فدَنا منهم وسَلَّم عليهم وقال : والله اني لأحبُّ ريحكم وأرواحكم فأعينوا على ذلك بورع واجتهاد ، واعلموُا ان ولايتنا لا تُدرَك اِلا بالورع والأجتهاد ، ومن أئتمَّ منكم بقوم فيعمل بعملهم ، انتم شيعة الله وانتم أنصار الله وانتم السابقون الأولون والسابقون الآخرون ، السابقون في الدنيا الى محبتنا والسابقون في الآخرة الى الجنة ، ضمنت لكم الجنة بضَمان الله عَزّوجَلّ وضمان النبي (صلى الله عليه وآله) ، وانتم الطيّبوُن ونساؤكم الطّيبات ، كل مؤمنة حوراء وكل مؤمن صِدِّيق ، قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لقنبر : أبْشِروُا وبَشرّوا فوالله لقد مات رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو ساخِط على أُمَّتهِ الا الشيعة ، اَلا واِنَّ لكل شَيء عروة وعروة الدين الشيعة ، الا وان لكل شيء شَرفاً وشَرَفُ الدين الشيعة ، الا وان لكل شيء سيّداً وسيّد المجالس مجالس الشيعة ، والا وان لكل شيء اماماً وامامُ الأرض أرضٌ تسكنُها الشيعة ، الا وان لكل شيء شهوة وشهوة الدنيا سُكنى شيعتنا فيها ، والله لولا ما في الأرض منكم ما استكمل أهل خلافكم الطيّبات مالهم في الآخرة من نَصيب وان تَعبَّد واجتَهَدَ مَنسوبٌ الى هذه الآية : (عامله ناصبة تصلى ناراً حامية تسقى من عين آنية لَيسَ لهم طعامٌ الا من ضريع لا يُسْمِنُ ولا يُغْنىْ مِنْ جوُع)كلّ ناصب مجتهد فعمله هباء.
شيعتنا ينظرون بنور الله عَزّوجَلّ ومَن خالفهم يتقلَّب ، والله ما من عبد من شيعتنا ينام الا أصعَدَ الله عَزّوجَلّ بروحِه الى السماء ، فاِن كان قد أتى عليه أجله جَعَلَهُ في كنوز رحمته وفي رياض جَنّته وفي ظِلّ عرشه ، وان كان أجله متأخّراً عنه بعث به مع أمينه من الملائكة الى الجسد الذي خرَجَ منه ليسكن فيه .
والله ان حُجَّاجكم وعمّاركم لخاصة الله ، وان فقراءَكم لأهل الغنى ، وان أغنياءَكم لأهل القنوع وانكم كلكُم لأهل دعوة الله وأهل أجابته(6).

عن ام المؤمنين ام سلمة رضي الله عنها أنها قالت : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : ما قوم اجتمعوا يذكرون فضل علي بن أبي طالب إلا هبطت عليهم ملائكة السماء حتى تحف بهم ، فإذا تفرقوا عرجت الملائكة إلى السماء ، فيقول لهم الملائكة : إنا نشم من رائحتكم ما لا نشمه من الملائكة ، فلم نر رائحة أطيب منها ، فيقولون : كنا عند قوم يذكرون محمدا وأهل بيته فعلق فينا من ريحهم فتعطرنا ، فيقولون : اهبطوا بنا إليهم ، فيقولون : تفرقوا ومضى كل واحد منهم إلى منزله ، فيقولون : اهبطوا بنا حتى نتعطر بذلك المكان . (7)
الهوامش
_________
(1)العلل ص71 .
(2)أمالي الصدوق ص291 .
(3)العيون ص219 .
(4) الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام) من حبه عنوان الصحيفة ص87، نقلاً عن ملامح شخصية الإمام علي(عليه السلام) ص48 ) .
(5) لم أجد له مصدر لكنه ذكر في متون الكتب .
(6) تفسير البرهان : ج4 ص453 ح6 ذكر الحديث الى قوله : عاملة ناصبة ، وتتمة الحديث نقلناه من روضة الوعظين للفتال النيسابوري ص295 ط الرضي قم .
( 7 ) الروضة : 34 .

الخطابة الحسينية وطرق تقويمها

             بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الميامين.

ان من اهم الطرق التي يمكن من خلالها نشر وبث ما عند الفرد من افكار وعقائد سواء كانت تلك الافكار والاعتقادات دينية او اجتماعية او حتى سياسية واقتصادية فترى الوسيلة لبثها هي صناعة الخطاب فلذا ترى في الساحة السياسية كثيراً ما ينتهج السياسي فن الخطاب وقد اشتهر بفن الخطاب وربما اصبح اظهر مصاديق الخطاب هو الخطاب الحسيني اذلم يسمى السياسي والاقتصادي وحتى الاجتماعي بخطيب بل ترى ان هذا المسمى انمايطلق على الخطيب الحسيني والمبلغ الحسيني سواء كان ذلك الناشر للقضية الحسينية ناعيا فقط ام كان محاضرا او قد يشمل كلا التسميتين لكن ؟ هناك خصائص للخطيب والمبلغ الحسيني خاصة لابد ان يتحلى بها سواء على نطاق الاخلاق اوحتى على نطاق الفن الخطابي وهناك بعض النقاط نود ان نبينها لعلنا نوفق لخدمة الخطاب الحسيني . وقبل البدء نبين موجزا مامعنى الخطابة .
1- تعريف الخطابة: عرف علماء المنطق الخطابة بانها صناعة علمية بسببها يمكن اقناع الجمهور في الامور الذي يتوقع حصول التصديق به بقدر الامكان . {المنطق للمظفر :415}
2- و عرفوا الصناعة: بانها (( ملكة نفسانية وقدرة مكتسبة يقدير بها على استعمال أمور لغرض من الاغراض صادر ذلك الاستعمال عن بصيرة بحسب الامكان , كصناعة الطب مثلاً )) و الصناعة على قسمين : علمية وعملية , والخطابة من الصناعات العلمية النافعة. {المنطق للمظفر :344}
3- علم الخطابة: هنالك تعاريف متعددة لعلم الخطابة نذكر تعريفاً واحداً تجنبا للتشويش على القارئ : قالوا هي مجموع قوانين تُعرّف الدارس طرق التأثير بالكلام وحسن الخطاب فهو يعني بدراسة طرق التأثير و وسائل الاقناع وما ينبغي ان يتجه اليه الخطيب من المعاني في الموضوعات المختلفة وما يجب ان تكون عليه ألفاظ الخطابة وأساليبها وترتيبها
5- الفن : هو التطبيق العملي للنظريات العلمية بالوسائل التي تحققها, في ضوء هذا التعريف يكون ( فن الخطابة) هو ممارسة العمل الخطابي وتطبيق الاصول الخطابية النظرية في الخارج واداؤها بصورة صحيحة
4- ملكة الخطابة : المقصود من ملكة الخطابة (( الصفة النفسية التي تحصل من تكرار الفعل الصادر عن المرء على وجه يبلغ درجة يحصل منه الفعل بسهولة من غير تكلف ))
5- موضوع الخطابة ليس الخطابة موضوع خاص تبحث عنه بمعزل عن غيره بل يصح جعل كل معقول ومحسوس وا كل امر عام او له صلة بامر عام كما بينا في مستهل البحث الاول فيمكن جعل اي موضوع ديني او عقائدي او اجتماعي او سياسي او اقتصادي وكل ما يتطلبه الموضوع الخطابي
6- فائدة الخطابة : للخطابة دور مهم وبناء في حياة الامم والشعوب بل هي ضرورة اجتماعية في حياة الناس عامة وفي قضاياهم المختلفة العقائدية والاجتماعية و الثقافية والاقتصادية و العسكرية فبالخطابة تحل الخصومات .
الخطيب و المواصفات التي لا بد ان يتصف بها
أ- الموصفات الذاتية للخطيب :
1- سلامة اللسان : ان اللسان اداة التخاطب والتفاهم ووسيلة لإيصال ما في النفس و القلب و الفكر الى الآخرين .وكما انه اداة الخطيب وسلاحه ووسيلته ولابد ان تكون هذه الاداة و الوسيلة سليمة وقوية وفعالة كي يصول بها الخطيب في ميدان المقال
قال الامام على: مغرس الكلام القلب ومستودعه الفكر و مقومه العقل ومبديه اللسان وجسمه الحروف وروحه المعنى وحليته الإعراب ونظامه الصواب , و قال ايضاً: اللسان ترجمان الجنان .
2- حسن البيان وطلاقة السان : ان الخطيب يحتاج الى حسن لبيان اضافة الى سلامة اللسانه من العيوب التي ذكرناها.لذا ان حسن البيان يعمل عمل السحر في السامعين :كما قال النبي (صلى الله عليه واله وسلم) (( ان من البيان لسحرا ))
3- حس الصوت كما قال النبي (صلى الله عليه واله وسلم) (ان من أجمل الجمال الشعر الحسن، ونغمة الصوت الحسن).وقال الامام الصادق عليه السلام (ما بعث الله نبياً إلا حسن الصوت )
4- حسن الصورة والمنظر.
5- قوة الحافظة .
6- قوة القلب والجرأة .
7-العقل والفطنة والذكاء و الذوق .
8-سلامة الجسد وقوته .
9-موهبة الخطابة .
ب- المواصفات والمؤهلات العلمية :من وضائف الخطيب الحسيني توجيه الناس و توعيتهم وتريبتهم وتثقيفهم بالثقافة الاسلامية وارشادهم ودعوتهم الى الله و الامر بالامعروف والنهي عن المنكر وهذه الامور تستوجب علم الخطيب بالاسلام : عقائده وأحكامه وأخلاقياته وسائر شؤونه وهو الذي يصطلح عليه بالتفقه في الدين قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) (( ما عبد الله بشيء افضل من الفقه في الدين ))
المراد من العلوم الاسلامية :
1-قواعد اللغة العربية - أي النحو و الصرف فان مراعاة اللغة العربية تصون اللسن من الخطأ
2- المنطق :عرفوا علم المنطق انه : الة قانونية تعصم مراعاتها الذهن عن الخطأ في التفكير .
3-الفقه:
4- أصول الفقه :
5-الحديث أو دراية الحديث :
6- الرجال :
7- العلوم القرآنية :
8- العقائد الاسلامية أو علم الكلام:
9- التاريخ الاسلامي :
10- السيرة النبوية :
11- سيرة اهل البيت :
12- علم الاخلاق :
13- علم العروض :
14- علم البلاغة والمعاني والبيان :
15- علم فن الخطابة :

 

بشارات عظيمة لشيعة علي ح1

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على محمد خير خلقة وعلى آله الطيبين الطاهرين 

ان من منن الله على العبد ان يجعله مواليا لعلي بن أبي طالب ( عليه السلام ) اذ جعل الله لمن شايع علي أجراً وثواباً عظيمين تبينه لنا الروايات نذكر منها :

عن تفسير الإمام العسكري ، الاحتجاج ): بإسنادهما إلى أبي محمد العسكري (عليه السلام) أنه قال: أعرف الناس بحقوق إخوانه وأشدهم قضاء لها أعظمهم عند الله شأناً، ومن تواضع في الدنيا لإخوانه فهو عند الله من الصديقين ومن شيعة علي بن أبي طالب (عليه السلام) حقاً.(1)
عن بكر بن أحمد (2).وحدثني أحمد بن محمد بن الجراح، قال: حدثني أحمد بن الفضل الاهوازي قال: حدثني بكر بن أحمد، قال: حدثني محمد بن علي النقي، عن أبيه، قال: حدثني موسى بن جعفر، عن أبيه، عن محمد بن علي (عليهم السلام)، عن فاطمة بنت الحسين، عن أبيها وعمها الحسن بن علي (عليهما السلام) قالا: حدثنا(3) أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (لما دخلت)(4) الجنة رأيت فيها شجرة تحمل الحلي والحلل، أسفلها خيل بلق، ووسطها حور العين، وفي أعلاها الرضوان.قلت: يا جبرئيل(5) لمن هذه الشجرة؟ قال: هذه لابن عمك أمير المؤمنين إذا أمر الله الخليقة(6) بالدخول إلى الجنة يؤتى بشيعة علي حتى ينتهى بهم إلى هذه الشجرة فيلبسون(7) الحلي [والحلل](8)، ويركبون الخيل البلق، وينادي مناد " هؤلاء شيعة علي عليه السلام صبروا في الدنيا علي الاذى(9) فأكرموهم (10) اليوم "(11)
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يعذّب الله هذا الخلق إلا بذنوب العلماء الذين يكتمون الحق من فضل عليّ وعترته (عليهم السلام)، ألا إنه لم يمش فوق الأرض بعد النّبيين والمرسلين أفضل من شيعة عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) الذين يظهرون أمره وينشرون فضله، أولئك تغشاهم الرّحمة وتستغفر لهم الملائكة، الويل كل الويل لمن يكتم فضله(12).
قول (صلى الله عليه وآله): شيعة علي هم الفائزون يوم القيامة».(13)
عن سليمان بن مهران،عن عباية بن ربعي،قال:«قلت لعبد الله بن عباس:لم كنى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم عليا أبا تراب؟قال:لأنه صاحب الأرض،و حجة الله على أهلها بعده،و به بقاؤها،و إليه سكونها.و قد سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يقول :إذا كان يوم القيامة و رأى الكافر ما أعد الله تبارك و تعالى لشيعة علي من الثواب و الزلفى و الكرامة،يقول يا ليتني كنت ترابيا،أي يا ليتني من شيعة علي.و ذلك قول الله عز و جل«و يقول الكافر يا ليتني كنت ترابا (14) ».
عن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه و آله) قالت:سمعت رسول الله يقول:«لما اسري بي إلى السماء دخلت الجنة فإذا أنا بقصر من درة بيضاء مجوفة،و عليها باب مكلل بالدر و الياقوت،و على الباب ستر،فرفعت رأسي فإذا مكتوب على الباب:لا إله إلا الله،محمد رسول الله،علي ولي القوم،و إذا مكتوب على الستر:بخ بخ،من مثل شيعة علي؟فدخلته فإذا بقصر من عقيق أحمر مجوف،و عليه باب من فضة مكلل بالزبرجد الأخضر،و إذا على الباب ستر،فرفعت رأسي فإذا مكتوب على الباب محمد رسول الله،علي وصي المصطفى (15) ».
وجاء في مناقب الخوارزمي ، عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) :
" أول من اتَّخذ عليَّ بن أبي طالب (عليه السلام) أخاً من أهل السماء إسرافيل ، ثم ميكائيل (16) ، ثم جبرائيل . وأول مَن أحبه من أهل السماء حملة العرش ، ثم رضوان خازن الجنان ، ثم ملك الموت . وإن ملك الموت يترحم على محبي علي بن أبي طالب (عليه السلام) كما يترحم على الأنبياء (عليه السلام )
"
(17)
.
____________
(1) تفسير الإمام ص131 ، الاحتجاج ص257
(2) من اليقين والمناقب والبحار - 8 -. (*)
(3) في نسخة " أ ": قال حدثنا.
(4) في نسخة " ب ": لما ان دخلت. وفى المناقب والبحار: لما ادخلت. وفى اليقين: دخلت فيه سقط.
(5) في نسخة " ب " والبحار: قلت لجبرئيل، وفى المقتل: فقلت يا جبرئيل.
(6) خ ل: الخلق.
(7) في نسخة " ب ": ليلبسوا.
(8) ليس في نسخة " ب ".
(9) في نسخة: فحييوا، وفى البحار والمناقب: فحبوا، وفى اليقين: فحبوا في هذا. وفى المقتل: فحسبوا، وفى المطبوع: فجوزوا.
(10) الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام) من حبه عنوان الصحيفة ص35 نقلاً عن الدمعة الساكبة ص82.
(11) القندوزي الحنفي في ينابيع المودة: ص 65 ب7.
(12) غاية المرام للسيد البحرانى،ط ايران،ج 1:ص 58.ولاية فى النبأ: .40
(13) بحار الانوار،ج 68:ص .76
(14) كشف الغمة :وميكائيل .
(15) كشف الغمة : ص30
(16)الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام) من حبه عنوان الصحيفة ص87، نقلاً عن ملامح شخصية الإمام علي(عليه السلام) ص48 ) .
(17)أمالي الصدوق ص291

شِعِبْ أبي طالب دلالة على إيمانه

              بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين

حينما أعلن النبي محمد ( صلى الله عليه وآله ) نبوته بعد ان جعلها لفترة بأمر من الله تعالى سرية ولحين حلول الوقت الذي جاء به الامر الإلهي بنشر الدعوة على نحو النطاق الواسع ليشمل كل الناس بل كل الأمم والملل على اختلافها اخذت قريش بعد الاعلان المبارك من الرسول لنشر الرسالة الإلهية بمضايقة النبي ( صلى الله عليه وآله ) بكل وسائل المضايقة حتى وصل بها الامر الى قتله ( صلى الله عليه وآله ) فما كان من موقف عمه أبي طالب عليه السلام إلا أن يذب عن تلك الرسالة الإلهية التي أول من أمن بها هو عليه السلام وأبنائه الأكرمين ليكونوا سنداً لذلك النبي الذي نهضة بتلك الرسالة السماوية وعندها اتخذت قريش موقفها بالنيل من النبي ( صلى الله عليه وآله ) على مراحل للتأثير عليه فجاءوا يطلبون من عمه المفدي له بالروح ابي طالب عليه السلام ان خلي ابن اخيك يتخلا عن هذه الدعوة ولنعطيه ملك مكة وزماما ممرها ولنجعله علينا شيخنا واميرا وعندها نكر النبي ( صلى الله عليه وآله ) طلبه برفضه القاطع وبقولته المشهورة { والله، لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر ما تركته، حتى يظهره الله أو أهلك فيه }
حتى انتهت المحاولات الى ان يقاطعوا النبي ( صلى الله عليه وآله ) والذين امنو به على ان لا يبيعوهم ولا يشتروا منه حتى يرجعوا عما يدعون له فما كان موقف النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلا ان يخرج بمن امن به ليسكن ذلك الشعب الذي اطلق عليه في ما بعد بشعب ابي طالب .
وحينما قر ( رضوان الله عليه ) النبي الخروج للشعب أمر أبو طالب عليه السلام بني هاشم أن يدخلوا برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) الشعب ـ الذي عرف بشعب أبي طالب ـ ومعهم بنو المطلب بن عبد مناف، فدخلوا معه، باستثناء أبي لهب لعنه الله وأخزاه (1)
واستمروا فيه إلى السنة العاشرة.
ووضعت قريش عليهم الرقباء، حتى لا يأتيهم أحد بالطعام.
وكانوا ينفقون من أموال السيدة خديجة عليها السلام، وأبي طالب عليه السلام، حتى نفدت، حتى اضطروا إلى أن يقتاتوا بورق الشجر.
وكان صبيتهم يتضاغون جوعاً، ويسمعهم المشركون من وراء الشعب، ويتذاكرون ذلك فيما بينهم، فبعضهم يفرح، وبعضهم يتذمم من ذلك.
وزعموا أن هذا كان يصدر غالباً ممن يتصل بهم نسباً، كأبي العاص بن الربيع، وحكيم بن حزام، وإن كنا نحن نشك في ذلك، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
ولم يكونوا يجسرون على الخروج من شعب أبي طالب عليه السلام إلا في موسم العمرة في رجب، وموسم الحج في ذي الحجة، فكانوا يشترون حينئذ ويبيعون ضمن ظروف صعبة جداً، حيث إن المشركين كانوا يلتقون بكل من يقدم مكة أولاً، ويطمعونه بمبالغ خيالية ثمناً لسلعته، شرط أن لا يبيعها للمسلمين.
وكان أبو لهب هو رائدهم في ذلك؛ فكان يوصي التجار بالمغالاة عليهم حتى لا يدركوا معهم شيئاً، ويضمن لهم، ويعوضهم من ماله كل زيادة تبذل لهم.
بل لقد كان المشركون يتهددون كل من يبيع المسلمين شيئاً بنهب أمواله، ويحذرون كل قادم إلى مكة من التعامل معهم.
والذي اقوله هو ان خروج ابي طالب عليه السلام مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) وبقاءئه مدافهعا له وتحمله كل تلك الصعاب حتى وفاته ألم يكن دليلا على انه امن بالنبي ( صلى الله عليه وآله ) وكان له سنداً وعونا ومدافعا
كما استدل على اما نابي طال بعليه السلام بموارد كثيرة اذكر بعضها :
1- استدل سبط ابن الجوزي على ايمانه بأنه –كما نقل- لو كان أبو عليّ كافراً لكان شنع عليه معاوية وحزبه ، والزبيريون وأعوانهم ، وسائر أعدائه (عليه السلام) كان يذمهم ويزري عليهم بكفر الآباء والامهات ، ورذالة النسب (2) .
تصريحاته وأقواله الكثيرة جداً ؛ فانها كلها ناطقة بايمانه وإسلامه . ويكفي أن نذكر نموذجاً من أشعاره التي عبر عنها ابن أبي الحديد المعتزلي بقوله : إن كل هذه الاشعار قد جاءت مجيىء التواتر ، من حيث مجموعها (3).
ونحن نذكر هنا اثني عشر شاهداً من شعره ، على عدد الائمة المعصومين من ولده عليه وعليهم السلام ، تبركاً وتيمناً ، والشواهد هي :
1-ألم تعلموا : أنا وجدنـا محمـداً نبياً كموسى خط في أول الكتب
2-نبي أتاه الوحي من عنـد ربــهومن قال:لا ، يقرع بها سنّ نادم
3-يا شاهـد الله علـي فاشهــدإني علـى دين النـبي أحمــد
4- أنت الرسول رسول الله نعلمـه عليك نُزِّل من ذي العزة الكتب
5-أنــت النــبي محمـــد قـــوم أغـــر مســود
6- وقال مخاطباً ولده حمزة رحمه الله :
فصبراً أبا يعلى على ديـن أحمـد وكن مظهراً للدين وفقت صابـراً
وحط من أتى بالحق من عند ربـه بصدق وعزم لا تكن حمز كافـرا
فقد سرني أن قلت : انك مؤمـن فكن لرسـول الله في الله ناصـراً
وباد قريشاً في الذي قـد أتيتـه جهراٍ ، وقل : ما كان أحمد ساحراً
7-ولقد ترحم عليه ودعا له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) واسغفر له ، حتى في المدينة حينما استسقى لاهلها فجاءهم الغيث فذكر أبا طالب ، واستغفر له على المنبر (4) ولما مات أبو طالب تبع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جنازته مع انهم يروون النهي عن المشي في جنازة المشرك . كما أنهم يروون أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر عليا بأن يغسّله ويكفنه ويواريه (5) ، وانما لم يأمره بالصلاة عليه لأن صلاة الجنازة لم تكن فرضت بعد ولاجل ذلك قالوا : إن خديجة لم يصل عليها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حينما توفيت ، مع انها سيدة نساء العالمين .
8- لقد رثاه ولده علي (عليه السلام) حينما توفي بقوله :
أبا طالب عصمة المستجــير وغيث المحـول ونـور الظلـم
لقد هدّ فقدك أهـل الحفـاظ فصـلى عليـك ولـي النعـم
ولقّـاك ربـك رضوانـــه فقد كنت للطهر من خير عـم (6)
الهوامش
_______________
1- وقيل: إن أبا سفيان بن الحارث أيضاً لم يدخل الشعب معهم، ولكنه قول نادر. والاكثر على الاقتصار على أبي لهب لعنه الله...
2 - راجع : أبو طالب مؤمن قريش 272/273 ط سنة 1398هـ . عن تذكرة الخواص .
3 - شرح النهج ج14 ص78 والبحار ج35 ص165 .
4 - راجع : عيون الانباء ص 705 .
5 - راجع : في كل ذلك تذكرة الخواص ص8 وشرح النهج للمعتزلي ج14 ص81 ، والسيرة الحلبية ج1 ص147 والمصنف ج6 ص38 ، والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص87 ، وتاريخ اليعقوبي ج2ص35 ، وطبقات ابن سعد ج1 ص78 وتاريخ بغداد للخطيب ج3 ص126 ، وج13 ص196 وتاريخ ابن كثير ج3 ص125 ، والطرائف لابن طاووس ص305 عن الحنبلي في نهاية الطلب والبحار ج35 ص151 والتعظيم والمنه ص7 ولسان الميزان ج1 ص41 . والاصابة ج4 ص116 ، والغدير ج7 ص372 و374/375 عمن ذكر ، وعن : شرح شواهد المغني للسيوطي ص136 ، واعلام النبوة للماوردي ص77 ، وبدايع الصنايع ج1 ص283 ، وعمدة القاري ج3 ص435 ، واسنى المطالب ص15و21و35 وطلبة الطالب ص43 . ودلائل النبوة للبيهقي والبرزنجي ، وابن خزيمة ، وابي داود ، وابن عساكر .
6 - تذكرة الخواص ص9 .

( لو تمثل لي الفقر رجلاً لقتلته )!..

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين

هنالك إشارة للفقر بلهجة الذم، يقول الإمام علي ( عليهم السلام ) : ( لو تمثل لي الفقر رجلاً لقتلته )!..(1) أو كما ينقل في الكتب ( لو كان الفقر رجلاً لقتلته )

يمكن ان يلاحظ قول الإمام علي ( عليه السلام ) من جنبتين :
وقبل البحث في الموضوع نشير إلى ملاحظة مهمة وهي أن الدين الإسلامي كامل بتمام معنى الكلمة، وفي كل مجالات الحياة ومنها الاقتصاد، فمن يزعم بأن الإسلام ليس فيه قانون اقتصادي متكامل فهو غير صائب.
إن الشريعة الإسلامية فيها نظرية متكاملة وأجوبة تامة لجميع المسائل الاقتصادية، وقد قال الإمام الصادق (عليه السلام) عن
الشريعة: فيها كل ما يحتاج الناس إليه وليس من قضية إلا وهي فيها حتى أرش الخدش« (2). ولو بقدر خدشه طفيفة.تعريف الفقر
يختلف تعريف الفقر ومعناه بحسب الموضوع الذي يبحث فيه، ففي الاقتصاد: هو الجوع والعوز والحرمان، وهذا المعنى هو المشهور في اللغة، ومنه الفقير وهو الذي لا يملك إلا قوت يومه وهو الذي يستحق العطاء والصدقة وإليه أشارت الآية: (إِنّمَا الصّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ وَالْمَسَاكِينِ) (3).
وهناك معان أخرى تأتي بالعرض وهي أعم مما هو شائع عنه، وتنقسم إلى معنوية ومادية.
ومثال المعنوية: فقر الإنسان إلى الله تعالى فمهما كانت صفته فإنه فقير إلى الله تعالى، أي محتاج إلى رحمته وعفوه، وهو الذي أشارت لـه الآية: (رَبّ إِنّي لِمَآ أَنزَلْتَ إِلَيّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ)
(4) .
الجنبة الأولى : ان الفقر فقر الدين والعقيدة وهذا الفقر يكون له مسلوبه الدال عليه من أن الإنسان الذي لم يتقن حركته الدنيوية، ليس له مستقبل أخروي مشرق.. فالدنيا مزرعة الآخرة، والمزرعة كلما زادت واتسعت، كثر أنهارها، وكثر العاملون عليها، وزادت الثمار، وزاد المحصول.. فالدنيا مزرعة، وثمارها نقطفها في الآخرة , وهذا الفقر والفاقة هما اللذان يسببان الانحراف واقتراف الذنب . مثل : الإدمان ، السرقة ، والجرائم الأخرى . كما في المثل القائل : « الإنسان الجائع لا إيمان له »
.
ولذلك أن الإسلام يرى الجدب أو الفقر الروحي والفكري أسوأ من الفقر الاقتصادي.
فالعوز المالي يمكن جبرانه وعلاجه ولكن الفقر الروحي يؤدي بالإنسان إلى الشقاء حتى لو كان غنياً.
ونحن بهذه الجنبة لا نحاول أن نحمد الفقر والعوز، بل نؤكد على أن الفقر لا ينحصر بالجانب الاقتصادي فقط، إذ إن هناك ما هو أخطر من ذلك وهو الفقر في الفكر والروح.
ولعل اهتمام الإنسان في هذا الجانب من الفقر يعود إلى معاناته والآلام التي تنجم عن العوز المادي خلافاً للفقر الروحي والمعنوي الذي لا يمكن الشعور به من قبل الإنسان الفقير في هذا الجانب، بل إن الآخرين ـ خاصة أولئك الذين يتمتعون بالثراء الروحي والفكري ـ هم الذين يدركون مدى فقر الإنسان في هذه الناحية.
ولذا نرى الأنبياء ومن سار على خطاهم منذ فجر التاريخ يؤكدون على رفع العوز الروحي والمعنوي، ذلك أن الفقر الاقتصادي أمر يدركه الناس كافة ولا يحتاج إلى من ينبههم إليه.
كما إنه يقزّم الذات ويلغي الدور الكبير للإنسان :
قال أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) لابنه محمد بن الحنفية : « ... فانّ الفقر منقصة للدّين ، مدهشة للعقل داعية للمقت » (5
).
.و قال أيضا (( إن الفقر مذهلةٌ للنفس ، مدهشةٌ للعقل ، جالبٌ للهموم )) ..
. (6) فانه لا يتيح للنفس أن تأنس ، أن تفرح ، أن تنفتح على الحياة ، على ما في الحياة من مراءٍ جميلة ، وما فيها من مناظر حلوة ، إنه السبب على النفس بالمساءة ، ويجعلها تعيش الظلمة ، وينسيها لذة الحياة ، يمتلك على الإنسان وعيه ، عقله ، تفكيره يلفهُ بالهموم والمأساة ، ويأسرهُ للمشاعر السوداء ، إنه الكآبة .. إنه البؤس .. إنه الشقاء ..
قال تعالى وهو يعدد النعم التي انعم لها على نبينا الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) : (ألم يجدك يتيماً فآوى ووجدك ضالاً فهدى ووجدك عائلاً فأغنى فأما اليتيم فلا تقهر. وأما السائل فلا تنهر وأما بنعمة ربك فحدث) (
7) .
ويقول الإمام علي ( عليه السلام ) : "إن للجسم ستة أحوال: الصحة، والمرض، والموت، والحياة، والنوم، واليقظة. وكذلك الروح فحياتها علمها، وموتها جهلها، ومرضها شكها، وصحتها يقينها، ونومها غفلتها، ويقظتها حفظها (8
).
قال امير المؤمنين علي ( عليه السلام ) : « الفقر الموت الأكبر »
(10) .
وقال ( عليه السلام ) كذلك : « القبر خير من الفقر »
(11) .
وعلى هذا الأساس فانّ أحد الأسباب التي تساعد على إيجاد الأرضية الاقتصادية للذنب والانحرافات الدينية والعقائدية هو الفقر .
الجنبة الثانية : و كما ذكرنا سابقاً بان الفقر في بعض الأحيان يهيئ الأرضية للذنب ، ولكن نرى ان بعض الروايات تمدح الفقر وبعضها تذمّه ، أمّا الذي ذمته الروايات فهو الفقر الاقتصادي الذي يحصل بسبب استغلال المستعمرين وجشع أصحاب رؤوس الأموال والأوضاع الاقتصادية المتدهورة التي تتولّد عنها الفوضى والبطالة ولذا قال الإمام علي عليه السلام ( فما جاع فقير إلا بما متع به غني) (
12) .
فالفقر الاقتصادي من أعظم ما يبعث الإنسان على النهب والغارة والقتل وسفك الدماء ، وكان الفقر في العرب قبل الإسلام في الغاية والنهاية يعيشون في شقاء شديد ، يئدون البنات ، ويقتلون الأولاد من الإملاق قال سبحانه ( ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ) (1
3) .
وقال تعالى : ( قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم )
(14).
وقال سبحانه : ( ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم )
(15).
ولا يخفى ذلك على من درس تأريخ العرب قبل الإسلام . والعلة في فقرهم هذا عدم اهتمامهم بالإنتاج ( من الحرث والزرع والغرس وحفر الآبار واستخراج العيون وابتغاء فضل الله الكامن في الأرض فبقوا وعاشوا في غاية الفقر و جشوبة العيش سيما إذا منعت السماء قطرها والأرض نباتها ، ومن أجل ذلك استحلوا قتل الأولاد من البنين والبنات ، واستحلوا الحرمات ، وارتكبوا الفجائع .
كما يعد الفقر الاقتصادي في رؤية الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) معلولا للتلازم بين ثقافة الكسل والعجز . وإلا فإن المجتمع الذي تهيمن عليه ثقافة العمل لا يمكن أن يصاب أبدا بآفة الفقر ، الذي يعد بدوره بؤرة لتفشي كثير من الأمراض المادية والمعنوية في المضمارين الفردي والاجتماعي . على هذا الأساس راح الإمام يشيع ثقافة العمل في ربوع المجتمع بوصف العمل عبادة ، وكان هو نفسه ( عليه السلام ) عاملا نموذجيا .
فستلخص مما أعده الإمام علي عليه السلام آفة للفقر وأساساً له و التي تتمثل بعدة أسباب :
1. عدم التوعية العامة و الإرشاد بالسلوك الاستهلاكي .
2. عدم تأهيل بعض الشباب لسوق العمل بإعداد برامج تدريبية و تأهيلية .
3. عدم إيجاد فرص وظيفية للعاطلين عن العمل .
4. عدم التنسيق مع الجهات المعنية مثل الدولة و مكتب العمل و مؤسسات القطاع الخاص للتوظيف السريع .
5. عدم تمويل المشاريع الصغيرة و متناهية الصغر.
8. عدم تشجيع بعض الأسر على برامج الأسر المنتجة من خلال حرف و مهن بسيطة .
13. عدم إيجاد أدوات مصرفية لإقراض الأسر المنتجة .
علماً لو حلت هذه الإشكالات لما كان للفقر والفاقة وجود .
الهوامش
________________
(1) نهج البلاغة 3 / 110 .
(2) الكافي: ج1 ص241 ح5. المراد بأرش الخدش: الغرامة التي يدفعها الإنسان إذا جرح جسم غيره
(3) سورة التوبة: 60.
(4) سورة القصص: 24.
(5) نهج البلاغة حكمة 319
(6) غرر الحكم 52.
(7) الضحى: 6 ـ 11
(8) بحار الأنوار، ج61، ص40.
(9) تحف العقول ص153.
(10) فهرس الغرر باب ( الفقر ) .
(11) نهج البلاغة/ صالح/ ص532.
(12) الأنعام : 151 .
(13) الأنعام : 140
(14) الإسراء : 31

لنعرف خديجة (عليها السلام) !!

             بسم الله الرحمن الرحيم   

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلينوعلى آله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على اعدائهم اجمعين إلى قيام يوم الدين

قالتعالى:{ياأيُّها النبيُّ قُلْ لأزواجِكَ إنْ كُنتُنَّ تُرِدْنَ الحياةَ الدنياوزينتَها فتعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنّ وأُسرِّحْكُنّ سَراحاً جميلا *وإنْ كنتُنّتُرِدْنَاللهَ ورسولَهُ والدّارَ الآخِرةَ فإنّ اللهَ أعدَّ للمُحسِناتِ مِنكُنّأجراً عظيما
{(1)
كانت خديجةُ بنت خُوَيلد بن أسد.. من المحسنات اللّواتي ظهرتْ نجابتُهنمنذ عهدٍ بعيد، فهي شريفة قريش والملقَّبة في الجاهليّة بـ « الطاهرة »، والمعروفةبسيرتها الكريمة، وخديجة رضوان الله عليها كانت في العهد الجاهليّ على دين الحنيفيّةوعلى ملّة إبراهيم الخليل عليه السّلام، فهي من الموحِّدات النجيبات، ومن السلالة التيينحدر منها النبيّ صلّى الله عليه وآله حيث يلتقيانِ في الجَد الرابع: قصيّ بن كلاب.
نسبها (عليها السلام)
هي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبدالعزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعببن لؤي بنغالب بنفهر.وأمها: فاطمة بنت زائدة بن الأصم بنرواحة بن عبد بن معيصبن عامربن لؤي بن غالب بن فهر(2).
ولادتها :
ولدت السيدةخديجة فيالسنة الثامنة والستين قبل الهجرة النبوية الشريفة(3)، في بيت من أشرف بيوت قريش وأعزها، ونشأتعلى الخيروالصلاح،وصانت نفسها من كل قبيح من شأنه أن يدنس كرامتها، أو يسئ إلى عزتها وشرفها.
تجارتها وزواج النبي (صلى الله عليه وآله) منها (عليهاالسلام) :
محمد بن إسحاق قال :كانت خديجة بنت خويلد امرأة تاجرة ذات شرف ومال ،تستأجر الرجال في مالها ، وتضاربهم إياه بشئ تجعله لهم منه ، وكانت قريش قوماتجارا ، فلما بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وآله من صدق حديثه و عظيم أمانتهوكرم أخلاقه بعثت إليه وعرضت عليه أن يخرج في مالها تاجرا إلى الشام ، وتعطيه أفضلما كانت تعطي غيره من التجار ، مع غلام لها يقال له : ميسرة ، فقبله منها رسول اللهصلى الله عليه وآله ، وخرج في مالها ذلك ، ومعه غلامها ميسرة حتى قدم الشام ، فنزلرسول الله صلى الله عليه وآله في ظل شجرة قريبا من صومعة راهب ، فاطلع الراهب إلىميسرة فقال : من هذا الرجل الذي نزل تحت هذه الشجرة ؟ فقال ميسرة : هذا رجل منقريش من أهل الحرم ، فقال له الراهب : ما نزل تحت هذه الشجرة إلا نبي ، ثم باعرسول الله صلى الله عليه وآله سلعته التي خرج فيها ، واشترى ما أراد أن يشتري ، ثمأقبل قافلا إلى مكة ومعه ميسرة ، وكان ميسرة فيما يزعمون قال : إذا كانت الهاجرةواشتد الحر نزل ملكان يظلانه من الشمس ، وهو يسير على بعيره ، فلما قدم مكة علىخديجة بمالها باعت ما جاء به فأضعف أو قريبا ، وحدثها ميسرة عن قول الراهب وعماكان يرى من إظلال الملكين ، فبعثت إلى رسول الله فقالت له فيما يزعمون : يا ابن عمقد رغبت فيك لقرابتك مني ، و شرفك في قومك ، وسطتك فيهم ، وأمانتك عندهم ، وحسنخلقك وصدق حديثك ، ثم عرضت عليه نفسها ، وكانت خديجة امرأة حازمة لبيبة ، وهييومئذ أوسط قريش نسبا وأعظمهم شرفا ، وأكثرهم مالا ، وكل قومها قد كان حريصا علىذلك لو يقدر عليه ، فلما قالت لرسول الله صلى الله عليه وآله ما قالت ذكر ذلك لاعمامه ، فخرج معهمنهم حمزة بن عبدالمطلب حتى دخل على خويلد بن أسد فخطبها إليه فتزوجها رسول الله صلى اللهعليه وآله . (4)
الاحاديث في فضلها (عليها السلام) :
قال: (صلى الله عليه وآله) (خير نساء العالمينأربع: مريم بنت عمران،وآسية بنتمزاحم امرأة فرعون،وخديجة بنت خويلد،وفاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله) (5).
وقال صلّى الله عليه وآله: أفضل نساء أهل الجنة: خديجة بنت خويلد، وفاطمةبنت محمّد، ومريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون . (6)
وقال صلّى الله عليه وآله: أربعنسوة سيّدات سادات عالمهنّ: مريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم، وخديجة بنت خويلد، وفاطمةبنت محمّد.. وأفضلهن عالَماً فاطمة .(7)
أخبرنا محمد بن محمد ، قال أخبرنا أبو القاسمجعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن العباسبن عامر القصباني ، عن أبان بن عثمان الأحمر ، عن بريد العجلي ، قال : سمعت أبا عبدالله جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) يقول : لما توفيت خديجة(رضي الله عنها ) جعلتفاطمة ( صلوت الله عليها ) تلوذ برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وتدور حوله ، وتقول: يا أبه ، أين أمي ؟ قال : فنزل جبرئيل ( عليه السلام ) فقال له : ربك يأمرك أن تقرئفاطمة السلام ، وتقول لها : إن أمكِ في بيت من قصب ، كعابه من ذهب ، وعمده ياقوت أحمر، بين آسية ومريم بنت عمران ، فقالت فاطمة ( عليها السلام ) : إن الله هو السلام ،ومنه السلام ، وإليه السلام .(8)
أخبرنا أبو عمر، قال أخبرنا أحمد، قال حدثناأحمد بن محمد بن يحيى الجعفي، قال حدثنا أبي، قال حدثنا الحسين بن عبد الكريم و هوأبو هلال الجعفي، قال حدثنا جابر بن الحر النخعي، قال حدثني عبد الرحمن بن ميمون أبوعبد الله، عن أبيه، قال سمعت ابن عباس يقول أول من آمن برسول الله (صلى الله عليه وآله) من الرجال علي (عليه السلام)، و من النساء خديجة عليها السلام . (9)
حدثنا أبي و محمد بن الحسن رضي الله عنهماقالا حدثنا سعد بن عبد الله قال حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب و محمد بن عيسىعن محمد بن أبي عمير عن جميل بن دراج عن محمد بن مسلم قال قال أبو جعفر عليه السلامما أجاب رسولَ الله (صلى الله عليه وآله) أحدٌ قبلَ علي بن أبي طالب و خديجة (عليهماالسلام) ، و لقد مكث رسول الله (صلى الله عليه وآله) بمكة ثلاث سنين مختفيا خائفا يترقبو يخاف قومه و الناس . (الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة إليه) (10)
ما قيل فيها (عليها السلام) من الكتاب والباحثين:
وقال السيّد عبدالحسين شرف الدين الموسويّفي بيان مقام خديجة عليها السّلام: صدّيقة هذه الأمّة، وأوّلها إيماناً وتصديقاً بكتابه،ومواساةً لرسول الله صلّى الله عليه وآله ( من النساء ). انفردت به خمساً وعشرين سنةًلم تشاركها فيه امرأةٌ ثانية، ولو بقيت ما شاركتها فيه أُخرى، وكانت شريكته في محنتهطيلة أيّامها معه. (11)
وقال الكاتب المسيحيّ الأستاذسليمان كتّاني: أعطت خديجةُ زوجَها حُبّاً، وهي لا ترى أنّها تعطي بل تأخذ منه حبّاً..فيه كلّ السعادة. وأعطته ثروة وهي لا ترى أنّها تعطي، بل تأخذ منه هدايةً تفوق كلّكنوز الأرض. وهو بدوره أعطاها حبّاً وتقديراً رفعاها إلى أعلى مرتبة ويقول: ما قامالإسلام إلاّ بسيف عليّ وثروة خديجة.(12)
وقالت الدكتورة بنت الشاطئ: خديجة.. أُولىأُمّهات المؤمنين، وأقرب زوجات النبيّ وأعزّهنّ عليه حيّةً وميّتة. وقفت إلى جانبهسنوات الاضطهاد الأُولى تُؤازه وترعاه، وتُهوّن عليه ما كان يلقى من قريش في سبيل رسالته. (13)
وفاتها (عليها السلام) :
وقد انتقلت السيدة خديجة إلى جوارربها راضيةمرضية في اليوم العاشر من شهر رمضانالمبارك، السنة العاشرة من البعثة النبويةالشريفة،وهمانفس الشهر والعام اللذان انتقل فيهما أبوطالب إلى (رحمة اللهتعالى)،فحزن النبي (صلى الله عليه وآله) عليهماحزناً كبيراً، وسمى العام الذي توفيا فيه عام الأحزان.(14)
وقد نزل رسول الله صلّى الله عليه وآلهفي قبرها ليملأه سكينةً وطمأنينةً لها، ويزيح عنها وحشته وظُلمته.
وكانت خديجة عليها السّلام أن أنجبت لرسولالله صلّى الله عليه وآله ولدَينِ هما: القاسم والطاهر، تُوفّيا في حياته صلّى اللهعليه وآله.. ثمّ كان لها كبير الشرف أن ولدت فاطمةَ الزهراء البتول عليها أفضل الصلاةوالسّلام سيّدة نساء العالمين، من الأوّلين والآخرين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)ـسورة الأحزاب: 28 ـ 29.
(2)سيرة ابن هشام المجلد الأول الجزء الأول ص 174
) 3)خديجة بنت خويلد لعليدخيل ص 12
(4) البحار ج 16ص 8 ,ذخائر العقبى ص44(5)
(6) الاستيعاب،لابن عبدالبَرّ 720:2.
(7) ذخائر العقبى، لمحبّ الدينالطبريّ 44.
(8) الشيخ الطوسي في الأمالي صفحة 175
(9) الشيخ الطوسي في الأمالي‏ ص 259
(10) الشيخ الصدوق في كمال‏ الدين وتمامالنعمة ج 1 ص 328
(11) عقيلة الوحي، للسيّد شرف الدينالموسويّ 20. (12) فاطمة الزهراءوترفي غمد، لسليمان كتّاني 112.
(13)بطلة كربلاء، للدكتورة بنت الشاطئ 13.(14)انظر عن وفاةخديجةوأبي طالب سيرة المصطفى ص201 - 205.

دراس في حديث علمني رسول الله الف باب من العلم

              بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على محمد خير خلقة وعلى آله الطيبين الطاهرين

بحث قررته من بحث القاه سماحة اية الله الشيخ مصطفى مصري العاملي حول سؤال وجه اليه
السؤال: هل يمكن الاستدلال بحديث الامام (علي عليه السلام)
{علمني رسول الله من العلم الف باب ينفتح لي من كل باب الف باب }
على كون علم الامام مشترك بين الحصولي والحضوري في بعض الاحيان ؟
الجواب: لا يصح الاستدلال به لان علم الامام ليس مشتركاً بل هو علم حضوري بحت .
وقبل البدء بالجواب نقول :
لا بد من تحديد معنى الحصولي والحضوري .
يعني الكسبي والإلهامي .
علم النبي وعلم الامام وعلم الأئمة (عليهم السلام) هو من العلم الحصولي الالهامي, لا الحصولي الكسبي..
بمعنى أن مصدر هذا العلم هو من الله تعالى.
على قاعدة عَلَمَ ادم الاسماء كلها..
فالعلم الواصل الى هؤلاء من الله تعالى بطريقة مختلفة .
فمنه ما يكون بواسطة الوحي والالهام والنقل من احدهم الى الآخر ...بحسب حفظ مرتبة اللاحق على السابق
وبالتالي فان ما يرد في حديث علمني رسول الله (صلى الله عليه وآله), يدخل في باب العلم الحصولي لا الحضوري ...
لأنه حضوره عبر النبي من جهة ومن جهة أخرى يظهر علمه بقوله (عليه السلام): {سلوني قبل ان تفقدوني فاني بطرق الارض اعلم منها بطرق الارض} وبالتالي ما يتلقاه من النبي هو مفتاح العلم الإلهي .
ونفس المبدأ يقال بالنسبة لعلم الأئمة (عليهم السلام) .
أما العلم الحصولي الكسبي,فهو ما يكون مستند الى تعليم البشر المرتكز على التجربة وغير ذلك من عناصر المعرفة المسبقة بالجهل.
اما ما لديهم ليس مسبقا بالجهل, بل هو من ابواب نقل المعرفة الإلهية اليهم .
هذا لا يقال له كسبي حصولي ..
بل هو علم الهي, ولكن يصل إليه عن طريق النبي كما يصل الى النبي عن طريق جبرائيل وهكذا .
فعلمهم (عليهم السلام), كما يقال عن عيسى (عليه السلام) {وأنبئكم بما تدخرون في بيوتكم} ....الى اخر الايات التي تشير الى هذه المعاني
فالشبهة من خلال عدم فهم نمط العلاقة تُعقهم بذاك الكلام الذي لا يفرقون به بين الحضوري وحصولي, فيحسبون أن بعض صور الحضوري هو حصولي فيقعون في الاشكالية الكبيرة التي تنقل المعصوم عن مكانته الى ما يقوله الاخرون فيقعون في القياس المنطقي الخاطئ وتكون النتيجة عندهم كما يقال, (ان في الحائط له اذان) الحضوري وليس الحصولي .
فالحصولي الكسبي هو ما يحصل عليه الانسان من التجربة .
و الحضوري ما يكون حاضراً عند الانسان من دون ستناده الى التجربة الانسانية فمصدره الله تعالى سواء كان بالإلهام, أو بالوحي أو بما يمكن ان يُعبر عنه تسليم مفاتيح المعرفة .
وهو مدلول كلام أمير المؤمنين (عليه السلام), بابا يفتح من كل باب ألف باب .
ومثل سماحة الشيخ العاملي, ]فأنت عند ما تريد ان تتعرف على كتاب لا يكفي ان تقرأ عنوان الكتاب بل لابد لك ان من ان تقرأ كل صفحاته, وعندما تتسلم آلة لتعمل عليها لا بد ان تتعلم على كل تفاصيل عملها من لحظة تشغيلها الى اطفائها, ولا يمكن ان اقول لك خذ هذا الكمبيوتر وعمل عليه وانت لا تعرف عنه شيءً فلا بد من تحصيل العلم, اما ما وصلك من برنامجاً انت تتقن فنه فلا يكون ما اوصل لك تعليما بل نقلاً [.
ولو لم يرد عن الائمة الميامين (عليهم السلام), ما يشهد لعلمهم الحضوري من الافعال والاقوال والآثار والأخبار, لكان في حكم العقل دلالة كافية, وبرهان نير, على كون علمهم حضوري الهامي لا حصولي كسبي, فان العقل يرى ان اللطيف (جل شأنه) يجب عليه ان يجعل حجة بينه وبين عباده, يقوم بتبليغ احكامه, وبيان نظامه, وذلك الحجة جامع لجميع صفات الكمال, وعار عن جميع خصال النقص, و لا يكون فيه ما يجعله عرضة للانتقاص, ومسرحاً للتوهين ومحلاً للانتقاد بل يجب أن يكون منزه عنه النقائص في الخُلقِ و الخُلُق, ليصح ان تقوم به الحجة, ولا يكون لأحد عليه حجة أو تطاول في فضل أو علم .
والحمد لله رب العالمين

حياة الإمام الكاظم وبعض حالاته ( عليه السلام )

          بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على اعدائهم اجمعين إلى قيام يوم الدين
ان شخصيات الأولياء الذين استولى سلطانهم على الأرواح والقلوب ، وكان في طليعتهم الإمام موسى بن جعفر الكاظم ( عليه السلام ) الاثر الاكبر لحفظ بيضة الدين الحنيف وكان هو ( عليه السلام ) السبيل الامتدادي لرسالة النبي ( صلى الله عليه وآله ) ولهذا السبب كان البغدادي يدين بالولاء الظاهر للسلطة ، لكن ولاءه الواقعي للأولياء ، وفي طليعتهم أهل البيت ( عليهم السلام ) ولأجل ما قدمه الامام الكاظم ( عليه السلام ) من منهج قويم ربى به الاجيال وخصواً من كان يحف به اصبح هو السبب الذي قضى من اجله الامام في بغداد بضع سنوات ، بين الإقامة الجبرية في أحد أحيائها ، والسجن الخاص في سجونها .
وقد اعترف هارون الرشيد بهذه الحقيقة فقال لابنه المأمون :
« أنا إمام الجماعة في الظاهر والغلبة والقهر ، وموسى بن جعفر إمام حق ، والله يا بني إنه لأحق بمقام رسول الله مني ومن الخلق جميعاً ! ووالله لو نازعتني هذا الأمر لأخذت الذي فيه عيناك ، فإن الملك عقيم »! ([1])
ان شخصية الامام الكاظم ( عليه السلام ) محن في مولده وموجز من أحواله الشخصيّة والاجتماعية والسياسيّة وغيرها ; وكذا أولاده وتاريخ شهادته ( عليه السلام ) وكيفيّتها :
اسمه ( عليه السلام ) ونسبه الشريف
هو الإمام موسى الكاظم بن الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر بن الإمام علي بن زين العابدين بن الإمام الحسين بن الإمام علي بن أبي طالب ، وسيدة نساء العالمين ، السيدة فاطمة الزهراء ، بنت سيدنا ومولانا وجدنا محمد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وأما أم الإمام الكاظم فهي السيدة " حميدة " البربرية ([2]).
تاريخ ومحلّ ولادته ( عليه السلام ) :
ولد الإمام أبو الحسن موسى الكاظم - صلوات اللّه وسلامه عليه - يوم الأحد ، السابع من شهر صفر المظفّر ، سنة 128 ، أو 129 الهجري القمري ، في قرية واقعة بين مكّة المكرّمة والمدينة المنوّرة ، يقال لها : الأبواء ، بعد منصرف والده الإمام أبي عبد اللّه جعفر الصادق ( عليه السلام ) مع أسرته من مكّة إلى المدينة . ([3])
كيفيّة ولادته ( عليه السلام ) :
عن أبي بصير ، قال : حججنا مع أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) في السنة التي ولد فيها ابنه موسى ( عليه السلام ) ، فلمّا نزلنا الأبواء وضع لنا الغداء . . . ، فبينا نحن نأكل إذ أتاه رسول حميدة . . . ، فقام أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) فانطلق مع الرسول ، فلمّا انصرف ، قال له أصحابه : سرّك اللّه وجعلنا فداك ، فما أنت صنعت من حميدة ؟
قال ( عليه السلام ) : سلّمها اللّه ، وقد وهب لي غلاماً ، وهو خير من برأ اللّه في خلقه ، ولقد أخبرتني حميدة عنه بأمر ظنّت أنّ ي لا أعرف ، ولقد كنت أعلم به منها .
فقلت : جعلت فداك ، وما الذي أخبرتك به حميدة عنه ؟
قال : ذكرت أنّه سقط من بطنها حين سقط ، واضعاً يديه على الأرض ، رافعاً رأسه إلى السماء . . . ، يقول : ( شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئمَا بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) . ([4])
قال : فإذا قال ذلك أعطاه اللّه العلم الأوّل والعلم الآخر ، واستحقّ زيارة الروح في ليلة القدر . . . ([5])
اسمه ( عليه السلام ) في الكتب السماويّة :
سمّى كعب الأحبار الأئمّة الاثني عشر ( عليهم السلام ) بأسمائهم في التوراة : ينبوذ، قيدورا، أُوبايل ، ميسور، مشموع، دموه، سوه، حيدور، وتمر، بطور، بوقيش، قيدمه .
قال أبو عامر هشام الدستواني : سألت عنها يهوديّاً عالماً ؟
فقال : هذه نعوت أقوام بالعبرانيّة صحيحة . . . ، ثمّ نعت لي أسماء تخالف ما سلف ، وأظنّها من تصحيف الكتّاب . . . ، " سوه " مسهو ] أي أبا الحسن موسى الكاظم ( عليه السلام ) [ خير المسجونين في سجن الظالمين . . . ([6])
وأسند الشيخ الفاضل أحمد بن محمّد بن عيّاش إلى السُدُوسي أنّه لقى في بيت المقدس عِمران بن خاقان الذي أسلم من اليهوديّة على يد أبي جعفر ( عليه السلام ) ، وكان يحاجّ اليهود ، فلا يستطيعون جحد علامات النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، والخلفاء ( عليهم السلام ) من بعده ، فقال لي يوماً : إنّا نجد في التوراة محمّداً واثني عشر من أهل بيته خلفاء ، وليس فيهم تيميّ ، ولا عدويّ ، ولا أموي .
قلت : فأخبرني بهم . . . ، فقال : . . . ، عايذ [ أي موسى الكاظم ( عليه السلام ) ] . . . ([7])
وقد ورد في هامش عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) أسماء النبيّ والأئمّة الاثني عشر صلوات اللّه عليهم ، في التوراة بلسان العبرانيّة ، بهذه العبارة : ميذميذ محمّد المصطفى ، إليا عليّ المرتضى . . . ، ذومرا موسى الكاظم . . . ([8])
كناه ( عليه السلام ) :
أبو الحسن ، أبو إبراهيم ، أبو عليّ ([9]) ، أبو الحسن الأوّل ، أبو الحسن الماضي ([10]) ، أبو إسماعيل ([11]) ، أبو إسحاق ، أبو الحسن الهاشمي ([12]) ، أبو محمّد ([13]) ، و . . .
نقش خواتيمه ( عليه السلام ) :
كانت لخواتيمه ( عليه السلام ) خمسة نقوش : " حسبي اللّه " ([14])، و " المُلْك للّه وحده " ([15]) ، و " اللّه الملك " ([16])، و " كن من اللّه على حذر " ([17])، و " أنت ثقتي فاعصمني من الناس " . ([18])
الإمام الكاظم وهارون الرشيد :
يقول الشبلنجي في نور الأبصار : يحكى أن هارون الرشيد ( 170 -193 ه‍ / 876 - 809 م ) سأل الإمام موسى الكاظم يوما فقال : كيف قلتم نحن ذرية رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وأنتم بنو علي ، وإنما ينسب الرجل إلى جده لأبيه ، دون جده لأمه ؟ .
فقال الإمام الكاظم : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرحمن الرحيم ( ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين ، وزكريا ويحيى وعيسى ) ([19]) ، وليس لعيسى أب ، وإنما ألحق
بذرية الأنبياء من قبل أمه ، وكذلك ألحقنا بذرية النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، من قبل أمنا فاطمة .
ثم قال الإمام الكاظم : وزيادة أخرى يا أمير المؤمنين ، قال الله عز وجل : ( فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم ، فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبنائكم ونساءنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم ، ثم نبتهل ) ([20]) ، ولم يدع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، عند مباهلة النصارى غير علي وفاطمة والحسن والحسين ، رضي الله عنهم ، وهم الأبناء ([21]) .
وفي " عيون أخبار الرضا للصدوق " أن الرشيد قال للإمام الكاظم : كيف جوزتم للناس أن ينسبوكم إلى رسول الله ، ويقولوا لكم : يا أبناء رسول الله ، وأنتم بنو علي ، وإنما ينسب المرء إلى أبيه ، لا إلى أمه ؟ .
فقال له الإمام : لو أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) نشر ، وخطب إليك كريمتك ، هل كنت تجيبه ؟ قال الرشيد : سبحان الله ، وكيف لا أجيبه ؟ قال الإمام : ولكنه لا يخطب إلي ، ولا أجيبه ، قال الرشيد : ولم ؟
قال الإمام : لأنه ولدني ، ولم يلدك .
وروى ابن عمران العبدي في " العفو والاعتذار " : أن الرشيد سأل يحيى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب : أينا أقرب إلى
رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، قال يحيى : يا أمير المؤمنين إن الطينة واحدة ، والنسب واحد ، وأنا أسألك لما أعفيتني من الجواب في هذا ، فحلف بالعتق والطلاق والصدقة ([22]) ، لا يعفيه ، فقال : يا أمير المؤمنين ، ليس من يمين إلا ولها كفارة ،
وأنا أسأل أمير المؤمنين بحق الله ، وحق رسوله ، وبقرابته منه لما أعفاني ، قال : قد حلفت ، هبني أحتال لكفارة اليمين في المال والرقيق ، فكيف الحيلة في الطلاق وبيع أمهات الأولاد ؟ قال يحيى : إن في نظر أمير المؤمنين ، وتفضله ما
يصلح هذا ، قال : لا والله ، لا أعفيك .
قال يحيى : أما إذا كان ذاك ، فنشدتك الله ، لو بعث فينا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، أفكان له أن يتزوج فيكم ؟ قال : نعم ، قال : أفكان له أن يتزوج فينا ؟ قال : لا ، قال : فهذه ، فوثب الرشيد عنه ، وقام إلى غير مجلسه .
قال : وخرجنا - والفضل بن الربيع ساكت ينفخ ، ثم قال لي ( أي لعبد الله بن محمد بن زبير ، وقد حضر المجلس ) أسمعت أعجب مما كنا فيه
قط ، يقول ( أي الرشيد ) ليحيى : أينا أحسن وجها ؟ وأينا أسخى نفسا ، وأينا أقرب إلى رسول لله ( صلى الله عليه وسلم ) ، والله لوددت أني فديت هذا المجلس بشطر ما أملك ([23]) .
وفي عيون أخبار الرضا للصدوق : أن المأمون قال : ما زلت أحب أهل البيت ، ولكنه أظهر للرشيد بغضهم تقربا إليه ، فلما حج الرشيد كنت معه ، ولما كان بالمدينة دخل عليه الإمام موسى بن جعفر الكاظم ، فأكرمه ، وجثى على ركبتيه ، وعانقه يسأله عن حاله وعياله ، ولما قام الإمام نهض الرشيد ، وودعه بإجلال واحترام ، فلما خرج سألت أبي ، وقلت له : من هذا الذي فعلت معه شيئا لم تفعله بأحد سواه ؟ ، فقال : هذا وارث علم النبيين ، هذا موسى بن جعفر ، فإن أردت العلم الصحيح فعند هذا ([24]) .
وروى الصبان في " إسعاف الراغبين " لما اجتمع الرشيد والإمام الكاظم في المدينة المنورة أمام الوجه الشريف ( في الروضة الشريفة بالمسجد النبوي الشريف ) ، قال الرشيد : " سلام عليك يا ابن عم " ، وقال موسى : " السلام عليك يا أبة " ، فلم يحتملها الرشيد ، فحمله إلى بغداد مقيدا ، فلم يخرج من حبسه إلا مقيدا ميتا مسموما ([25]) .
وفي رواية الحافظ ابن الكثير : لما حج الرشيد ودخل ليسلم على قبر النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، ومعه موسى بن جعفر الكاظم ، فقال الرشيد : السلام عليك يا رسول الله ، يا بن العم ، فقال موسى الكاظم : السلام عليك يا أبة ، فقال الرشيد : هذا هو الفخر يا أبا الحسن ، ثم لم يزل ذلك في نفسه ، حتى استدعاه في سنة تسع وستين وسجنه ، فأطال سجنه ، فكتب إليه موسى رسالة يقول فيها : " أما بعد يا أمير المؤمنين ، إنه لم ينقض عني يوم من البلاء ، إلا انقضى عنك يوم من الرخاء ، حتى يفضي بنا ذلك إلى يوم يخسر فيه المبطلون " ([26]) .
الانقسامات في عهده ( عليه السلام ):
لقد حدث خلاف على خلافة الإمام جعفر الصادق بعد موته ، بل يبدو أن الانقسام إنما قد بدأ على أيام الإمام الصادق نفسه ، إذ أن نفرا من أتباع الصادق قد توقفوا في موت ولده إسماعيل - وهم الذين سيطلق عليهم الإسماعيلية فيما بعد - وتوقف فريق في موت الإمام الصادق نفسه ، وهم أتباع " عجلان بن ناووس " وأعلنوا أن الصادق حي لم يمت ، ولن يموت حتى يظهر ، فيظهر أمره ، وهو القائم المهدي ، ورووا عنه أنه قال : " لو رأيتم رأسي يدهده عليكم من الجبل فلا تصدقوا ، فإن صاحبكم صاحب السيف " وقد عرف هؤلاء باسم " الناووسية " ([27]). على أن هناك فريقا آخر عرفوا باسم " الأفطحية " وهم الذين نادوا بإمامة " عبد الله الأفطح " ، أسن أولاد الإمام الصادق ، ونقلوا عن الصادق " الإمامة في أكبر أولاد الإمام " غير أن أهم الفرق تلك التي جعلت الإمامة في الإمام موسى الكاظم ، لأنه أعلم أبناء الإمام الصادق ، ومن ثم فقد اجتمع عليه وجوه الشيعة ومتكلميهم - وخاصة هشام بن سالم وهشام بن الحكم ومؤمن الطاق وغيرهم - .وكانت إمامة الإمام كاظم طوال ربع قرن ( 148 - 183 ه‍ ) ، وقد دخلتفيها الإمامة دورها السري ، ودورها العبادي ، وانتهى دور الفقه إلى حد ما ، فلا نسمع فقها خاصا للإمام الكاظم ، فضلا عن الدور الكلامي في عقائد الإمامية ، فقد قضى الإمام الكاظم معظم حياته يتنقل من سجن إلى سجن ، حيث صب عليه المهدي والرشيد صنوفا كثيرة من العذاب ، احتملها الإمام بصبر عجيب ، حتى لقب " بالكاظم " .
وكان الإمام الكاظم أقرب إلى جده الأكبر الإمام علي زين العابدين ، نقلت عنه أوراد الليل ، ودعاؤه المشهور في جوف الليل ، ما زال يردده أهل مصر من السنة " عظم الذنب من عندي ، فليحسن العفو من عندك ، يا أهل التقوى ، يا أهل المغفرة " ([28]).
مكائد المنصور لقتله ( عليه السلام )
اولها: قال كاتب أبو جعفر المنصور أبو أيوب الخوزي كما في الكافي([29])، وغيبة الطوسي([30])، واللفظ له : « بعث إلي أبو جعفر المنصور في جوف الليل فدخلت عليه وهو جالس على كرسي ، وبين يديه شمعة وفي يده كتاب ، فلما سلمت عليه رمى الكتاب إلي وهو يبكي وقال : هذا كتاب محمد بن سليمان يخبرنا أن جعفر بن محمد قد مات ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ( ثلاثاً ) وأين مثل جعفر ؟ ! ثم قال لي : أكتب فكتبت صدر الكتاب ، ثم قال : أكتب إن كان أوصى إلى رجل بعينه فقدمه واضرب عنقه ! قال : فرجع الجواب إليه : إنه قد أوصى إلى خمسة : أحدهم أبو جعفر المنصور ، ومحمد بن سليمان ( واليه على المدينة ) وعبد الله وموسى ابني جعفر ، وحميدة ! فقال المنصور ليس إلى قتل هؤلاء سبيل » .
وهذا يدل على أن المنصور كان يريد مبرراً لقتل الإمام موسى الكاظم ( عليه السلام ) ، لأن أباه كان ينص عليه من صغره بأنه الإمام بعده ، وقد امتحنه أبو حنيفة وهو صبي وأجابه وأفحمه ، وظهرت منه معجزات . لذا وسع الإمام الصادق ( عليه السلام ) وصيته وجعل أوصياءه خمسة أولهم المنصور نفسه ، ثم واليه على المدينة ، ليحفظ حياة الإمام الكاظم ( عليه السلام ) ويحبط تعطش المنصور لدماء أبناء علي ( عليه السلام ) !
وثانيها : ورد أن الإمام الكاظم ( عليه السلام ) غادر المدينة ، وتخفَّى عن السلطة في قرى الشام ، لفترة لم يحددها الراوي . ففي مناقب آل أبي طالب([31]): « دخل موسى بن جعفر ( عليه السلام ) بعض قرى الشام متنكراً هارباً ، فوقع في غار وفيه راهب يعظ في كل سنة يوماً ، فلما رآه الراهب دخله منه هيبة فقال : يا هذا أنت غريب ؟ قال ( عليه السلام ) : نعم . قال : منا أو علينا ؟ قال ( عليه السلام ) : لست منكم . قال : أنت من الأمة المرحومة ؟ قال ( عليه السلام ) : نعم . قال : أفمن علمائهم أنت أم من جهالهم ؟ قال ( عليه السلام ) : لست من جهالهم . فقال : كيف طوبى أصلها في دار عيسى ، وعندكم في دار محمد وأغصانها في كل دار ؟ فقال ( عليه السلام ) : الشمس قد وصل ضوؤها إلى كل مكان وكل موضع وهي في السماء . قال : وفي الجنة لا ينفد طعامها وإن أكلوا منه ولا ينقص منه شئ ؟ قال ( عليه السلام ) : السراج في الدنيا يقتبس منه ولا ينقص منه شئ .
قال : وفي الجنة ظل ممدود ؟ فقال ( عليه السلام ) : الوقت الذي قبل طلوع الشمس كلها ظل ممدود ، قاله تعالى : أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا .
قال : ما يؤكل ويشرب في الجنة ، لا يكون بولاً ولا غائطاً ؟
قال ( عليه السلام ) : الجنين في بطن أمه !
قال : أهل الجنة لهم خدم يأتونهم بما أرادوا بلا أمر ؟ فقال ( عليه السلام ) إذا احتاج الإنسان إلى شئ عرفت أعضاؤه ذلك ، ويفعلون بمراده من غير أمر .
قال : مفاتيح الجنة من ذهب أو فضة ؟ قال ( عليه السلام ) : مفتاح الجنة لسان العبد لا إله إلا الله . قال : صدقت ، وأسلم والجماعة معه » .
شهادته ( عليه السلام ) :
رفض عيسى بن جعفر والى البصرة قتل الامام حين كلف بذلك واستعفى الرشيد منه ، وطلب
نقله من سجنه فنقله الرشيد إلى سجن الفضل بن الربيع ، فأثرت شخصيته ( ع ) في نفس الفضل
بن الربيع ، كما أثرت في نفس عيسى بن جعفر من قبل ، فرفض الفضل قتل الامام وتحمل
أوزار الجريمة التي أراد منه الرشيد أن يرتكبها فلم يجد الرشيد بدا من نقله إلى
الفضل بن يحيى ، فاستلمه الفضل بن يحيى ، ووسع عليه وخفف عنه أعباء السجن ، وطلب منه
الرشيد أن ينفذ في الامام جريمة القتل فرفض ، وحينما علم الرشيد بالمعاملة الحسنة
التي يبديها الفضل بن يحيى للامام شق عليه هذا الميل ، وعظم عليه هذا الموقف فأمر
بمعاقبة الفضل ، فجرد من ثيابه ، وضرب مئة سوط في مجلس العباس بن محمد .
فلم يجد الرشيد في أنصاره وحاشيته أفضل من مدير شرطته في بغداد ، السندي بن شاهك ، و
كان فظا غليظا قاسيا - شأن كل الجلادين والقتلة - .
وكما رأينا من سير البحث فإن السندي بن شاهك قد تسلم الامام من الفضل بن يحيى ، و
وضعه في سجنه فأرهقه بالسلاسل والقيود ، وضيق عليه وعامله معاملة خشنة قاسية ، و
حينما بلغ يحيى بن خالد خبر ابنه الفضل شق عليه موقف الرشيد من الفضل وضربه و
إهانته ، فأراد أن يسترضى الرشيد ، ويستميله ويرد اعتبار الأسرة عند الحاكم
العباسي . فلم ير ثمنا لشراء هذا الرضى الرخيص الا دم الامام الطاهر ، وقطع هذا
الغصن من شجرة النبوة وإغضاب رسول الله ( ص ) وفرى كبده .
فانطلق يحيى بن خالد إلى بغداد بعد أن تشاور مع الرشيد وأكد له أن الفضل شاب غير
مجرب ، ولا بارع في تنفيذ مخططات الجور والارهاب ، فعرض عليه استعداده للتوجه إلى
بغداد ([32])، فسر الرشيد بهذا المنفذ المطيع وأذن له بارتكاب الجريمة النكراء ، فتوجه
يحيى بن خالد إلى بغداد يتأبط الشر . ويخطط لارتكاب الجريمة وما أن وصل بغداد حتى
اجتمع بالسندي بن شاهك مدير شرطة الرشيد ، وقدم له صورة المخطط وكيفية التنفيذ ،
فأجاب متقبلا طائعا فدس السم في رطب قدم
للامام ، وقيل جعل السم بطعام آخر ، فتناول الامام طعام الغدر والفاجعة فأحس بالسم
يسرى في جسده الطاهر ، وراح يقاوم آثار السم ثلاثة أيام ، فلم يستطع مغالبة المنية ،
فلفظ أنفاسه الأخيرة وفاضت روحه الطاهرة في اليوم الثالث في سجن السندي بن شاهك ، و
قيل في مسجد هارون المسمى بمسجد المسيب ، ففاز بالشهادة في اليوم الخامس والعشرين من
شهر رجب سنة ثلاث وثمانين ومئة للهجرة ([33]).

[1]الاحتجاج : 2 / 165 .
[2]تاريخ بغداد 13 / 27 - 32 ، شذرات الذهب 304- 305 وفيات الأعيان 5 / 308 - 310 .
[3]الكافي : 1 / 476 ، دلائل الإمامة : 303 وفيه : سنة 127.
[4]آل عمران : 3 / 18 .
[5]الكافي : 1 / 385 ح 1 ، المحاسن : 314 ، ح 32.
[6])) الصراط المستقيم : 2 / 141 .
[7]الصراط المستقيم : 2 / 238 .
[8]هامش عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 1 / 164 .
[9]تهذيب الأحكام : 6 / 81 ، الإرشاد للمفيد : 288 ، الهداية الكبرى : 263 ، إعلام الورى : 2 / 6 ، بحار الأنوار : 48 / 11 ح 6 .
[10]المناقب لابن شهر آشوب : 4 / 323 ، بحار الأنوار : 48 / 11 ح 7 ، أعيان الشيعة : 2 / 5 .
[11]كشف الغمّة : 2 / 212 ، أعيان الشيعة : 2 / 5 .
[12]تاريخ بغداد : 13 / 27 ، إحقاق الحقّ : 12 / 296 .
[13]جامع الرواة : 2 / 464 ، تنقيح المقال : 1 / 187 .
[14]دلائل الإمامة : 309 ، مكارم الأخلاق : 85 .
[15]بحار الأنوار : 48 / 11 ح 9 ، أعيان الشيعة : 2 / 5 ، الفصول المهمّة : لابن الصبّاغ : 232 .
[16]كافي : 6 / 472 ح 2 .
[17]المصباح للكفعمي : 691 س 10 .
[18]كافي : 6 / 472 ح 4 .
[19]سورة الأنعام : آية 84 - 85 .
[20]سورة آل عمران : آية 61 .
[21]الشبلنجي : نور الأبصار ص 148 - 149 .
[22]العتق : أن يعتق رقيقه وجواريه ، والصدقة : أن يخرج عن ماله كله .
[23]أبو الحسن محمد بن عمران العبدي : العفو والاعتذار 2 / 572 - 575 ( تحقيق عبد القدوس أبو صالح - نشر جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية - الرياض 1981 ) .
[24]الصدوق : عيون أخبار الرضا ص 193 ( ط 1377 ) ، محمد جواد مغنية : الشيعة والحاكمون ص 161 .
[25]الصبان : إسعاف الراغبين ص 227 .
[26]ابن كثير : البداية والنهاية 10 / 183 .
[27]الشهرستاني : الملل والنحل 1 / 166 - 167 ، أبو خلف القمي : كتاب المقالات ص 80 ،النوبختي : فرق الشيعة ص 67 .
[28]النشار : المرجع السابق ص 279 - 281 .
[29]الكافي : 1 / 311 .
[30]غيبة الطوسي / 198
[31]مناقب آل أبي طالب: 3 / 427
[32]كان الرشيد وقتها في الرقة ببلاد الشام .
[33]فقُبض على الامام ونقل إلى بغداد ، فسجنه وبقى في السجن حتى يوم شهادته في 25 رجب 183 ه‍ ، فعلى هذه الرواية تكون مدة سجن الامام نحو أربع سنوات ورواية أخرى تقول ان الرشيد سجن الامام بعد مضى ست أو سبع سنوات من تسلمه زمام السلطة ، فتكون المدة التي قضاها الامام في السجن هي ست أو سبع سنوات تقريبا أبو الفرج الأصفهاني / مقاتل الطالبيين / ص 505 ، وذكر المفيد في الارشاد أن استشهاده كان في 6 رجب سنة 183 ه‍

ليس منا

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين

ان من الخلق والالتزام بنهج أهل البيت لموارد كثيرة فقال سيد البلغاء الإمام علي ( عليه السلام ): ( حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، فليس منا من بات ولم يحاسب نفسه).(1)
فان ( ليس منا) أي من شيعتنا وممن يُحسب علينا من لم يكن يحاسب نفسه فعلى الإنسان أن يعمل ما بوسعه لكي يكون في الآخرة من الفائزين، وذلك بالتمسّك بتعاليم أهل البيت سلام الله عليهم والعمل بها بنية صالحة. وعليه أن يسعى إلى أن لا يكون من المقصّرين الذي يسألون الله تعالى الرجعة إلى الدنيا لإصلاح ما قصّروا فيه من الواجبات وحق الله تعالى وحق الناس.
والمستخلص من الأحاديث الشريفة أن صاحب الخلق الحسن هو من أهل الجنة وإن لم يعمل بالمستحبات والمندوبات، أما ذو الخلق السيئ فإن العبادات لا تقلّل من مساوئه وإن صام نهاره وقام ليله. وإن حسن الخلق توفيق إلهي، ولكي يحظى المرء بهذا التوفيق عليه أن يصمم ويعزم بأن يكون من ذوي الأخلاق الحسنة.
فعليه على الاقل ان يحاسب نفسه ولو باليوم مرة واحدة عن مافعل من فعل مناهض ومخالف لسلوك اهل البيت ( عليهم السلام ), كثيراً ما بين لنا أئمة أهل البيت عليهم السلام من الاوصاف الجميلة التي تمثل أن شيعتهم منهم فلكم مثلاً هذا القول عن مولانا الإمام الصادق (عليه السلام): شيعتنا من قدّم ما استحسن، وأمسك ما استقبح، وأظهر الجميل، وسارع بالأمر الجليل، رغبة الى رحمة الجليل، فذاك منّا وإلينا ومعنا حيثما كنّا. (2)
فان الامام ( عليه السلام ) يرى ويبين لنا أن من الاوصاف التي تخلق عليها شيعتهم الذين حقاً ربوا بتربيتهم و تخلقوا بأخلاقهم
فقال ( قدّم ما استحسن ) أي فعل ماكان حسناً ( وامسك ما أستقبح ) أي ترك ما كان قبيحاً العمل والاتيان به وغيرها من المفردات التي هي نور ينبعث من كلام الامام ( عليه السلام ) فمنهم من اتى بما رضوه وتخلق بأخلاقهم لا بل قال ( ومعنا حيثما كنا )
وعن الفضيل قال : قال لي ابوعبدالله ( عليه السلام ): يا فضيل بلغ من لقيت من شيعتنا السلام وقل لهم انا لا نغني عنهم من الله شيئا إلا ( بورع ) (أي كف النفس عن ارتكاب ما تكره عاقبته) فاحفظوا السنتكم وكفوا ايديكم وعليكم بالصبر والصلاة ان الله مع الصابرين.
.(3)
وعن محمد بن علي الباقر (عليه السلام) انه قال لجابر : ايكتفي من انتحل التشيع ان يقول بحبنا اهل البيت ، فوالله ما شيعتنا إلامن اتقى الله واطاعه ، وما كانوا يعرفون إلا بالتواضع والتخشع وكثرة ذكر الله والصوم والصلاة والتعهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة والغارمين والايتام وصدق الحديث وتلاوة القرآن وكف الالسن عن الناس إلامن خير وكانوا أمناء عشايرهم في الاشياء . قال جابر فقلت : يابن رسول الله مانعرف احد بهذه الصفة ، قال يا جابر لاتذهبن بك المذاهب ، حسب الرجل ان يقول أحب عليا وأتولاه ثم لايكون مع ذلك فعالا، فلو قال : انى احب رسول الله فرسول الله خير من علي ، ثم لايعمل بعمله ، ولايتبع سنته ، مانفعه حبه اياه شيئا ،فاتقواالله واعملوا لما عند الله ، ليس بين الله وبين احد قرابة ، احب العباد إلى الله واكرمهم عليه أتقاهم له واعملهم بطاعته ، والله ما يتقرب إلى الله عزوجل إلابالطاعة ، ما معنا براءة من النار ، ولاعلى الله لاحد من حجة من كان لله مطيعا فهو لنا ولي ، ومن كان لله عاصيا فهو لنا عدو ، ولاينال غدا ولايتنا إلابالفضل والورع .(4)
وعن ربيعة بن ناجد قال : سمعت عليا (عليه السلام) يقول : انما مثل شيعتنا مثل النحلة في الطير ليس شئ من الطير إلاوهو يستضعفها فلو ان الطير تعلم ما في اجوافها من البركة لم تفعل بها ذلك . وبالاسناد قال : اخبرنا ابوالحسن : احمد بن المظفرالعطار الفقيه الشافعى ، قال : اخبرنا عبدالله بن احمد بن عثمان المزنى الملقب بابن السقاء الحافظ ، حدثناعبدالله بن زيدان ، قال : حدثنا علي بن يونس العطار ، قال حدثنى محمد بن علي الكندى ، قال : حدثنا محمد بن مسلم قال:حدثنى جعفر بن محمد ، قال : حدثنى محمد بن علي ، قال : حدثنى علي بن الحسين ،قال : حدثنى الحسين بن علي ، قال : حدثنى علي بن ابي طالب عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : يا علي ان شيعتنا يخرجون من قبورهم يوم القيامة على ما بهم من العيوب والذنوب ، وجوههم كالقمر في ليلة البدر ، وقد فرجت عنهم الشدائد وسهلت لهم الموارد ، و اعطوا الامن والامان ، وارتفعت عنهم الاحزان ،يخاف الناس ولايخافون ، ويحزن الناس ولايحزنون ، شرك نعالهم تلؤلؤ نورا على نوق بيض لها اجنحة قد ذللت من غير مهانة ، ونجبت من غير رياضة ، اعناقها من ذهب احمر. (5)
و قال الإمام الصادق (عليه السلام): شيعتنا أهل الورع والاجتهاد، وأهل الوفاء والأمانة، وأهل الزهد والعبادة، أصحاب إحدى وخمسين ركعة في اليوم والليلة، القائمون بالليل، الصائمون بالنهار، يزكّون أموالهم، ويحجّون البيت، ويجتنبون كلّ محرّم.(6)

و قال الإمام الصادق (عليه السلام): شيعتنا هم الشاحبون الذابلون الناحلون، الذين إذا جنّهم الليل استقبلوه بحُزن. (7)
و قال الإمام الصادق (عليه السلام): امتحنوا شيعتنا عند ثلاث: عند مواقيت الصلاة كيف محافظتهم عليها، وعند أسرارهم كيف حفظهم لها عند عدوّنا، والى أموالهم كيف مواساتهم لإخوانهم فيها. (8)
وعن عمرو بن سعيد بن هلال قال : دخلت ابى جعفر (عليه السلام) ونحن جماعة فقال : كونوا النمرقة الوسطى يرجع اليكم الغالي ، ويلحق بكم التالي ،واعملوا يا شيعة آل محمد ، والله ما بيننا وبين الله من قرابة ولالنا على الله حجة ، ولايتقرب إلى الله إلابالطاعة من كان مطيعا نفعته ولايتنا ، ومن كان عاصيالم تنفعه ولايتنا ، قال : ثم التفت الينا وقال : لاتغتروا ولاتفتروا ، قلت : وماالنمرقة الوسطى ؟ قال : ألاترون أهلاتأتون ان تجعلوا للنمط الاوسط فضله .(9)

الهوامش
ـــــــــــــــــــــــ
(1)الوسائل جهاد النفس ج 6 ص 379 - 380
(2)بحار الأنوار 65/169.
(3)مشكاة الانوار ج1ص34
(4) مشكاة الانوار - (ج 1 / ص 43)
(5) العمدة ج1ص379.
(6)بحار الأنوار 65/167.
(7)الكافي 2/233.
(8)الخصال 103/ح62.
(9)مشكاة الانوار ج1ص44

الامام الصادق (عليه السلام) إمام الفقهاء

بسم الله الرحمن الرحيم 

 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وخاتم المرسلين وعلى آله الغرر الطيبين الطاهرين

ان الامام الصادق (عليه السلام) لا يخفى على احد من ذوي الالباب والعلم انه هو امام للفقهاء في عصره والى يومنا هذا فقد تخرج على يده الالاف من اهل العلم والمعرفة والحكمة فكانوا جهابذة أفذاذا قل نظيرهم، فحملوا العلم ممزوجا بالعمل والتقوى وخدموا دينهم خدمة جليلة تشهد بها الكتب إلى اليوم.

وان الكثير من الدلائل والبراهين الدالة على علمه وانه امام للفقهاء في زمانه نذكر مقتطفات منها:

اولاً: مناظراته (عليه السلام)

يقول ابن شبرمة: دخلت أنا وأبو حنيفة على جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)، فقلت: هذا رجل فقيه من العراق، فقال: لعله الذي يقيس الدين برأيه، أهو النعمان بن ثابت؟

فقال له أبو حنيفة: نعم أنا ذلك أصلحك الله، فقال له جعفر الصادق: اتق الله ولا تقس الدين برأيك فإن أول من قاس برأيه إبليس إذ قال: أنا خير منه، فأخطأ بقياسه فضل،

ثم قال له: أخبرني يا أبو حنيفة لم جعل الله الملوحة في العينين والمرارة في الأذنين والماء في المنخرين والعذوبة في الشفتين؟

قال: لا أدري.

قال الإمام: إن الله خلق العينين فجعلهما شحمتين، وخلق الملوحة فيهما منا منه على ابن آدم ولولا ذلك لذابتا فذهبتا، وجعل المرارة في الأذنين منا منه عليه ولولا ذلك لهجمت الدواب فاكلت دماغه، وجعل الماء في المنخرين ليصعد منه النفس وينزل ويجد منه الريح الطيبة من الريح الرديئة، وجعل العذوبة في الشفتين ليجد ابن آدم لذة المطعم والمشرب.

ثم قال لأبي حنيفة: أخبرني عن كلمة اولها شرك وآخرها إيمان؟

قال: لا أدري.

قال جعفر الصادق (عليه السلام): هي كلمة لا إله إلا الله، فلو قال لا إله ثم سكت كان مشركا.

ثم قال: أخبرني أيما أعظم عند الله إثما قتل النفس التي حرم الله بغير الحق او الزنا؟

قال أبو حنيفة: بل قتل النفس.

فقال الإمام: إن الله تعالى قد قبل في القتل شهادة شاهدين ولم يقبل في الزنا إلا شهادة أربعة فأنى يقوم لك القياس؟

ثم قال: أيما أعظم عند الله الصوم أو الصلاة؟

قال أبو حنيفة: الصلاة.

فقال الإمام: فما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ اتق الله يا عبد الله ولا تقس الدين برأيك.

ويقول ابو حنيفة ايضا : لما أقدمه المنصور بعث اليَّ فقال : يا أبا حنيفة إنّ الناس قد افتتنوا بجعفر بن محمد فهيّئ له من المسائل الشداد ، فهيأت له أربعين مسألة ثم بعث إليّ أبو جعفر المنصور وهو بالحيرة ، فدخلت عليه وجعفر بن محمد جالس عن يمينه ، فلما بصرت به دخلتني من الهيبة لجعفر مالم يدخلني لأبي جعفر المنصور ، فسلمت وأومأ فجلست ، ثم التفت إليه قائلاً: يا أبا عبدالله هذا أبو حنيفة ، فقال: نعم أعرفه ، ثم التفت المنصور فقال: يا أبا حنيفة الق على أبي عبدالله مسائلك ، فجعلت ألقي عليه فيجيبني فيقول: أنتم تقولون كذا وهم يقولون كذا ونحن نقول كذا ، فربّما تابعنا وربّما تابعهم وربّما خالفنا حتى أتيت على الأربعين مسألة ، ما أخلّ منها مسألة واحدة ، ثم قال أبو حنيفة: ( أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس ((1)

ثانياً: من الدلائل على ان الامام الصادق (عليه السلام) اعلم اهل زمانه ما نطق به المخالفون له فانظر ما قال امة المذاهب في علمه :

الإمام أبو حنيفة النعمان: تلقى الدرس لمدة سنتين عند الإمام جعفر الصادق حيث اشتهر عنه قوله في مدح الإمام : ( لولا السنتان لهلك النعمان )و يقول أبو حنيفة: ( ما رأيت أفقه من جعفر بن محمد ... ثم قال أبو حنيفة: أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس)

مالك بن أنس المدني أحد المذاهب الأربعة وهو يمني الأصل ، يقول مالك بن أنس: ( ما رأت عين ولا سمعت اُذن ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر بن محمد الصادق علماً وعبادة وورعاً ((2)

ثالثا: من الدلائل ما برز به تلاميذه (عليه السلام) من العلم والاجتهاد هذا ما يرويه لنا هشام بن سالم:

يقول هشام بن سالم: كان عند أبي عبد الله (عليه السلام) جماعة من أصحابه فورد رجل من أهل الشام فاستأذن بالجلوس فأذن له، فلما دخل سلم فأمره أبو عبد الله بالجلوس، ثم قال له: ما حاجتك أيها الرجل؟، قال: بلغني أنك عالم بكل ما تسأل عنه فصرت إليك لأناظرك، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): فبماذا؟، قال: في القرآن، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): يا حمران بن أعين دونك الرجل، فقال الرجل: إنما أريدك أنت لا حمران، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): إن غلبت حمران فقد غلبتني، فأقبل الشامي يسأل حمران حتى ضجر ومل وحمران يجيبه، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): كيف رأيته يا شامي؟، قال: رأيته حاذقا ما سألته عن شيء إلا أجابني، ثم قال الشامي: أريد أن أناظرك في العربية، فالتفت أبو عبد الله (عليه السلام) فقال: يا أبان بن تغلب ناظره، فناظره حتى غلبه، فقال الشامي: أريد أن أناظرك في الفقه، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): يا زرارة ناظره، فناظر حتى غلبه، فقال الشامي: أريد أن أناظرك في الكلام، فقال الإمام (عليه السلام): يا مؤمن الطاق ناظره، فناظره فغلبه، ثم قال: أريد أن أناظرك في الاستطاعة، فقال الإمام (عليه السلام) للطيار: كلمه فيها، فكلمه فغلبه، ثم قال: أريد أن أكلمك في التوحيد، فنادى الإمام (عليه السلام): يا هشام ابن سالم كلمه، فكلمه فغلبه، ثم قال: أريد أن أتكلم في الإمامة، فقال الإمام (عليه السلام) لهشام ابن الحكم: كلمه، فغلبه أيضا، فحار الرجل وسكت، وأخذ الإمام يضحك، فقال الشامي له: كأنك أردت أن تخبرني أن في شيعتك مثل هؤلاء الرجال؟

ـــــــــــــــــ


(2) التهذيب

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More