تعديل

الأربعاء، 31 يوليو 2013

منزلة السيدة نفيسة رضوان الله عليها

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين

من هي السيّدة نفيسة؟
عرّفها البعض بأنّها: سيّدة أهل الفتوّة، والسيّدة الشريفة العَلَوية، وصاحبة الكرامات الوفيرة، والمناقب الفاخرة الكثيرة. مُشْبِعة المحروم، النقيّة الزاهدة، الراكعة الساجدة، المُحدِّثة المتبحّرة، الكثيرة النفحات، الغزيرة البركات، سليلة النبوّة، وكريمة العنصر والمنبت من آل بيتٍ اصطفاه الله تبارك وتعالى.
وقد كلّلها الله جَلّ وعلا بهذه الألقاب الشريفة:
نفيسة الدارَين: لعَوارفها، وشفاعتها، وتواضعها لبارئها، ورحمتها وبِرّها وصلتها لذويها وقاصديها. ونفيسة العِلْم: لما استنبَطَته من دخائل العلم واستَجْلَته من غوامضه، ومانَثَرَته على طالبي الاستفادة، فرجع الناس إليها في حلّ المشكلات والمعضلات.
المولدالمبارك:
وُلِدت هذه السيّدة الطاهرة في مكّة المكرّمة في الحادي عشر من شهر ربيع الأوّل سنة 145 هجريّة. وقد عمّت الفرحةُ أكنافَ بيتها، وابتهجو الدها لِما رأى في سيماها شَبَهاً عجيباً بأخته السيّدة نفيسة بنتزيد رضي الله عنها، فاختار لها اسم عمّتها متفائلاً أن تكون كذلك نفيسة.
ووالدها هو أبو محمّد الحسن الأنور (والد جدّ عبدالعظيم الحسنيّ المدفون بالريّ جنوب طهران )، ابن زيد الأبْلَج، ابن الحسن السِّبط المجتبى سيّد شباب أهل الجنّة، ابن أمير المؤمنين عليِّ بن أبي طالب عليهم أفضل الصلاة وأزكى السلام. وكان الحسن الأنور عالماً جليلاً، معدوداً من التابعين، كما كان مُجابَ الدعوة فاضلاً شريفاً. أصبح مدّةً والياً على المدينة إلى أن عزله المنصور لوشايةٍ فيه، مع أنّه كان ذا حزمٍ في ولايته وشدّةٍ في أخذ الناس بالحدود وحُرُمات الله (1). ومن كراماته: أنّه كان يوماً في الأبطَح، فمرّت به امرأة معها ولدها، فاختطفه عُقاب، فسألتِ الحسنَ بن زيد أن يدعو اللهَ لها بردّهِ، فرفع يديه إلى السماء ودعا ربَّه، فإذا بالعُقاب قد ألقى الصغير مِن غير أن يضرّه شيء (2).
أمّا أمّها فأمّ ولد، وأمّا إخوتها فأمّهم أمُّ سَلَمة زينب بنت الحسن المثنّى ابن الإمام الحسن ابن الإمام عليّ عليهم السّلام.

النشأة والاقتران:
نشأت السيّدة نفيسة رضي الله عنها نشأةً طيّبة كريمة، دَرَجَت بمكّة المكرّمة تحوطها العزّة والكرامة، ثمّ استصحبها أبوها ـ وهي في الخامسة من عمرها ـ إلى المدينة المنوّرة برسول الله صلّى الله عليه وآله، فعلّمها رحمه الله ما تحتاج إليه من أمور دينها ودنياها. ثمّ تلقّت الحديث والفقه، وسمعت تاريخ دينها وتاريخ أُسرتها النبوية الشريفة.
ولصلاحها وتقواها وعبادتها، رَغِب فيها فِتيان آل البيت عليهم السّلام، فأبى أبوها عليهم وقد رآها مُقْبِلةً على العلم والعبادة، حتّى تقدّم إليها إسحاق المؤتمَن ابن الإمام الصادق صلوات الله عليه، فلم يُعطِه أبوها جواباً، فقام إسحاق ووقف تجاه قبر النبيّ صلّى الله عليه وآله بخشوعٍ وإجلال يخاطبه: يا رسول الله، إنّي خطبتُ نفيسة بنت الحسن من أبيها فلم يَرُدّ علَيّ جواباً، وإنّي لم أخطبها إلاّ لخيرها ودينها وعبادتها. وفي تلك الليلة ذاتها رأى أبوها جَدَّه المصطفى صلّى الله عليه وآله في رؤيا صالحة وهو يقولله: « يا حَسَن، زوِّجْ نفيسة مِن إسحاق المؤتمن »، فما أفاق حتّى بعث إلى إسحاق يستدعيه إليه، فسارع إليه، وعُقِد له في جمعٍ من ذراري بيت رسول الله، وكان ذلك سنة 161 هجريّة (3). وبعد أن جهّزها أبوها تزوّجها إسحاق في دار أبيه جعفر الصادق بالمدينة، وهي الدار التي كان يُسقى فيها الماء الذي تصدّق به الإمام الصادق عليه السّلام، فكان أن التقى النُّوران: الحسنيّ، والحسينيّ.. فنفيسة من أحفاد الإمام الحسن، وإسحاق مِن أحفاد الإمام الحسين صلوات الله عليهما.
وقد أثمر الاقتران الطيّب بين نفيسة وإسحاق عن وَلَدَين، هما:القاسم، وأمّ كلثوم. قَدِم إسحاق مصر، ولم يمكث بعد وفاة زوجته الطاهرة نفيسة زمناً كثيراً، حيث تُوفّي في مصر ودُفن هناك، وإن قيل بأنه رضوان الله عليه رحل هو وولداه القاسم وأم كلثوم إلى المدينة بعد وفاة زوجته، وتُوفي هناك.

منزلةالسيّدة نفيسة:
ما إن فتحت السيّدة الزاكية نفيسة بنت الحسن مسامعها على ما حولها حتى أخذت تعي آيات كتاب الله العظيم، وقد أحاطها بالعناية أبٌ صالح وأمٌّ عابدة، طالما تَلَيا القرآن الكريم وترنّما بالأدعية الشريفة فانتهت إلى مسمعها الطاهر، فنشأت رضوانُ الله عليها بين المعارف والعبادات، تسمع أحاديث جَدِّها المصطفى صلّى الله عليه وآله فتُشغَف بها، ثمّ ترويها عن أبيها وآل بيتها.
وقد حفِظت القرآن وتعلّمت تفسيره، وكانت تقرأ وتبكي، ثم تدعو: إلهي وسيّدي، يَسِّرْ لي زيارة خليلك إبراهيمَ عليه السّلام. وحين بلغت المزار، وقفت بين يَدَي جَدَث الخليل عليه السّلام وأجهشت بالبكاء بكاء السرور؛ لِتحقُّقِ أُمنيّتها، ثمّ جلست لتقرأ في خشوع آيات الله التي وردت في إبراهيم عليه السّلام: (وإذْ قالَ إبراهيمُ رَبِّ آجعَلْ هذَا البلَدَ آمِناً..) إلى آخر سورة إبراهيم، فأحسّت بعد ذلك التفكّر والخشوع أنّ الخليل واقف أمامها يخاطبها: ابنتي يا نفيسة، أبْشِري فإنّكِ من الصالحات القانتات.. ثمّ أرشدها وأوصاها ببعض وصاياه الأبويّة الشريفة (4).
وفي شأن طاعاتها المتواصلة، قالت ابنة أخيها زينب بنت يحيى المتوَّج ابن الحسنبن زيد: خدمتُ عمّتي السيدةَ نفيسة أربعين سنة، فما رأيتها نامت بِليل، ولا أفطرت بنهار إلاّ العيدينِ وأيّامَ التشريق، فسألتها: أما تُرفقين بنفسِك؟ فقالت: كيف أرفق بنفسي وأمامي عقباتٌ لا يَقطعَهُنّ إلاّ الفائزون؟! (5)
منكراماتها:
لهذه السيّدة الجليلة كرامات وافرة في حياتها، وبعد وفاتها. ذكر منها ابن حجر نحواً من مئةٍ وخمسين كرامة، لا على سبيل الحصر بل على سبيل المثال. وقد اخترنا من كرامات هذه السيّدة كريمة الدارين وسلالة أهل البيت، هذه الكرامات:
1 ـ عن سعيد بن الحسن قال: توقّف النيل بمصر في زمن السيّدة نفيسة رضي الله عنها، فجاءها الناس وسألوها الدعاء، فأعطَتْهم قِناعها، فجاؤوا به إلى النهر وطرحوه فيه، فما رجعوا حتّى زَخَر النيل بمائه، وزاد زيادةً عظيمة (6).
2 ـ ازدحمت الخيل على أُمّها، وكانت تحملها وهي طفلة رضيع لم تتجاوز نصفَ عام، فأشارت وهي في حضن أمها بيدها الكريمة بردّ الخيل، فردّها الله عزّ وجلّ ببركتها؛ إعلاماً بما يكون لتلك الطفلة في مستقبل أيامها من علوّ شأنٍ ورفعةٍ وقَدر.
الفهرس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 309:7، والمنتظم لابن الجوزي 294:8، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي 21:2.
2ـ الخطط المقريزيّة 326:4.
3ـالخطط المقريزيّة 327:4.
4ـ الخطط المقريزيّة 325:4.
5ـ الخطط المقريزيّة 325:4.

6ـ تحفةالأحباب للسخاوي 159، والخطط المقريزية 326:4.

لا والله ما أبدلني الله خيراً منها (خديجة الكبرى وألم الرحيل)

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى.

تمر علينا في يوم العاشر من شهر رمضان المعظم ذكرى يوم افجع به رسول الله (صلى الله عليه وآله) فازداد ألماً وحزناً ذكرى وفاة السيدة الطاهرة خديجة الكبرى (عليها السلام) اذ نذكر وطرا من حياتها على الايجاز احياءً لذكراها .
أُمّ المؤمنين، السيّدة خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العُزّى بن قصي القرشي الأسدي، وكانت تلقّب بالطاهرة , ولدت (رضي الله عنها) قبل عام الفيل بخمس عشرة سنة.
لا شكّ ولا ريب أنّ أوّل امرأة آمنت بدعوة رسول الله (صلى الله عليه وآله) هي خديجة (عليها السلام)
فقد ورد عن ابن عباس أنّه قال: (أوّل مَن آمن برسول الله (صلى الله عليه وآله) من الرجال علي (عليه السلام)، ومن النساء خديجة (رضي الله عنها)) (1).
كانت السيد خديجة (عليها السلام) امرأة ثرية وكان النبي (صلى الله عليه وآله) يعمل بتجارة لها فلما رأت صدقه وأمانته تزوجت منه (صلى الله عليه وآله) في العاشر من ربيع الأوّل، وكانت في عمر الأربعين، وكان عمره (صلى الله عليه وآله) خمس وعشرين سنة, ولم يتزوّج رسول الله (صلى الله عليه وآله) غيرها في حياتها حتّى توفّيت (عليها السلام) .
ان عدد أولادها من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، على الاصح هما القاسم والسيّدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) ، والقاسم قد توفّي في حياة النبي (صلى الله عليه وآله)، وبه يكنّى بابي القاسم .
كانت السيّدة خديجة (عليها السلام) امرأة حازمة لبيبة شريفة، ومن أوسط قريش نسباً، وأعظمهم شرفاً، وأكثرهم مالاً، وقد كانت آزرت زوجها رسول الله (صلى الله عليه وآله) أيّام المحنة، فكانت له سنداً بكل ما تملك فخفّف الله تعالى عنه بها.
ان للسيّدة خديجة (عليها السلام) مكانة ومنزلة عالية يغبطها عليها الملائكة المقرّبون، حتّى أنّ جبرائيل (عليه السلام) أتى إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: (يا محمّد هذه خديجة قد أتتك فاقرأها السلام من ربّها، وبشّرها ببيتٍ في الجنّة من قصب لا صخبٌ فيه ولا نَصَب)، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (يا خديجة، هذا جبرائيل يُقرئك من ربّك السلام)، فقالت خديجة: الله السلام ومنه السلام وعلى جبرائيل السلام (2).
وعنه قال : خطّ رسول الله (صلى الله عليه وآله)أربع خطط في الأرض ، وقال : أتدرون ما هذا ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : أفضل نساء الجنّة أربع : خديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت خويلد ، ومريم بنت عمران ، وآسية بنت مزاحم إمرأة فرعون(3) .
وعن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: (كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلاّ أربع: آسية بنت مزاحم امرأة فرعون، ومريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمّد) (4).
قد أنفقت السيّدة خديجة (عليها السلام) أموالها في أيّام تعرّض المسلمون للاضطهاد والحصار في بداية الدعوة للدين، ، حتّى أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) قال: (ما نفعني مال قط مثل ما نفعني مال خديجة) (5.
كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يحبّها حبّاً كثيراً، ففي رواية عن قالت عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة فيحسن الثناء عليها، فذكرها يوماً من الأيام فأخذتني الغيرة، فقلت: هل كانت إلاّ عجوزاً قد أبدلك الله خيراً منها، فغضب ثم قال: «لا والله ما أبدلني الله خيراً منها، آمنت بي إذ كفر الناس، وصدّقتني إذ كذّبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني منها الله الولد دون غيرها من النساء».
قالت عائشة : فقلتُ في نفسي لا أذكرها بعدها بسيئة أبداً (6).
وقابلته خديجة (عليها السلام) حبا بحب، ووفاء بوفاء، وتضحية بتضحية، وآمنت به وبدعوته وبأهدافه المقدسة، وبذلت تمام وجودها من أجل ذلك، وقالت له بتواضع وخشوع: البيت بيتك، وجميع ما أملك تحت يدك، وأنا جاريتك.
توفيت(عليها السلام) في العاسر رمضان سنة عشر للبعثة النبوية، أي قبل الهجرة بثلاث سنين, ودفنت في مقبرة الحَجُون في مكّة المكرّمة، ونزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حفرتها، ولم تكن يومئذ سُنّة صلاة الجنازة حتّى يصلّي عليها, فكانت مدة حياتها 65 سنة عاشت منها مع النبي (صلى الله عليه وآله) 25وعشرون سنة حيث ان النبي (صلى الله عليه وآله) تزوج منها كما ذكرت وهي في الابعين من عمرها الشريف.
الفهرس
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأمالي للطوسي 1: 265 ح4 .
تذكرة الخواص: 302.
الخصال 1: 25 .
مجمع البيان: 10: 480.
الأمالي للطوسي 1: 35.

الإصابة 4 : 275 .

أمّ البنين رمز العطف والحنان

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وسلام على عباده الذين اصطفى.

هي فاطمة بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن الوحيد بن كعب بن عامر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن. عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب: 356.
وأُمّها ثمامة بنت سهيل بن عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب.
فأبوها حزام من أعمدة الشرف في العرب ، ومن الشخصيات النابهة في السخاء والشجاعة وقرى الاَضياف ، وأما أسرتها فهي من أجلّ الاَسر العربية ، وقد عُرفت بالنجدة والشهامة .
لما ثكل الاِمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بشهادة بضعة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) وريحانته سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء ( عليهما السلام ) ندب أخاه عقيلاً ، أن يخطب له امرأة قد ولدتها الفحول ليتزوّجها لتلد غلاماً زكياً شجاعاً لينصر ولده أبا الشهداء في ميدان كربلاء, (تنقيح المقال 2|128.)فأشار عليه عقيل بالسيّدة أمّ البنين الكلابية فانّه ليس في العرب من هو أشجع من أهلها ، فخطب الامام علي (عليه السلام) ام البنين من ابيها حزام فقبل بذلك الخاطب فتزوجها الامام (عليه السلام) ولم يتضح لي تاريخ زواجهما الا ان الامام تزوجها بعد شهادة السيدة الطاهر فاطمة الزهراء(عليها السلام)
فقامت السيّدة أمّ البنين برعاية سبطي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وريحانتيه وسيّدي شباب أهل الجنّة الحسن والحسين ( عليهما السلام ) ، وقد وجدا عندها من العطف والحنان ما عوّضهما من الخسارة الاَليمة التي مُنيا بها بفقد أمّهما سيّدة نساء العالمين فقد توفّيت ، وعمرها كعمر الزهور فقد ترك فقدها اللوعة والحزن في نفسيهما.
لقد كانت السيدة أم البنين تكنّ في نفسها من المودّة والحبّ للحسن والحسين ( عليهما السلام ) ما لا تكّنه لاَولادها اللذين كانوا ملء العين في كمالهم وآدابهم.
لقد قدّمت أم البنين أبناء رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، على أبنائها في الخدمة والرعاية ، ولم يعرف التاريخ أن ضرّة تخلص لاَبناء ضرّتها وتقدّمهم على أبنائها سوى هذه السيّدة الزكيّة ، فقد كانت ترى ذلك واجباً دينياً لاَن الله أمر بمودّتهما في كتابه الكريم ، وهما وديعة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وريحانتاه ، وقد عرفت أمّ البنين ذلك فوفت بحقّهما وقامت بخدمتهما خير قيام.
مكانتها عند أهل البيت .
ولهذه السيّدة الزكية مكانة متميّزة عند أهل البيت عليهم السلام ، فقد أكبروا إخلاصها وولاءها للإمام الحسين ( عليه السلام ) ، وأكبروا تضحيات أبنائها المكرمين في سبيل سيّد الشهداء ( عليه السلام ) ، يقول الشهيد الاَول وهو من كبار فقهاء الاِمامية:
كانت أمّ البنين من النساء الفاضلات ، العارفات بحقّ أهل البيت عليهم السلام ، مخلصة في ولائهم ، ممحضة في مودّتهم ، ولها عندهم الجاه الوجيه ، والمحلّ الرفيع ، وقد زارتها زينب الكبرى بعد وصولها المدينة تعزّيها بأولادها الاَربعة ، كما كانت تعزّيها أيام العيد.. ». (العباس للمقرّم : 72 ـ 73)
كما ان هذه السيّدة الجليلة تحتلّ مكانة مرموقة في نفوس المسلمين ، ويعتقد الكثيرون إلى أنّ لها منزلة عظيمة عند الله ، وانّه ما التجأ إليها مكروب ، وجعلها واسطة إلى الله تعالى إلاّ كشف عنه ما ألمّ به من المحن والخطوب ، وهم يفزعون إليها إن ألمّت بهم كارثة من كوارث الزمن أو محنة من محن الاَيّام ، ومن الطبيعي أن تكون لها هذه المنزلة الكريمة عند الله .
فكانت تكنى : أم البنين.

وتوفيت (عليها السلام) في 13 من جمادى الاخرى سنة64للهجرة في المدينة المنورة وقد دفنت في البقيع , فسلام الله عليها يوم ولدت ويم توفيت ويوم تبعث حيا.

عبق من سيرة العباس بن علي (عليهما السلام)

بسـم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم السلام على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين .

ما أشرف منبتَ أبي الفضل العبّاس وما أكرم نسبَه، فأبوه هو الإمام عليّ ابن أبي طالب عليه السّلام إمام المتقين وسيد الوصيين، وأخواه هما الحسن والحسين عليهما السّلام سيدا شباب أهل الجنة، وأمه أم البنين واسمها فاطمة بنت حزام، وأرجع بعضهم نسبها إلى عامر بن صعصعة(1).
وينقل صاحب أعيان الشيعة عن كتاب عمدة الطالب أن أمير المؤمنين عليه السّلام قال لأخيه عقيل وكان نسّابة عالماً بأخبار العرب وأنسابهم: « ابغِني امرأة وقد ولدتها الفحولة من العرب لأتزوجها فتلد لي غلاماً فارساً، فقال له: أين أنت عن فاطمة بنت حزام بن خالد الكلابية فإنه ليس في العرب أشجع من آبائها ولا أفرس، فتزوجها أمير المؤمنين عليه السّلام... وأول ما ولدت العباس... »(2).
وقد ذُكر عن أم العباس عليه السّلام: « وأبوها حزام من أعمدة الشرف في العرب، ومن الشخصيات النابهة في السخاء والشجاعة وقَرْي الأضياف، وأما أسرتها فهي من أجلّ الأسر العربية، وقد عرفت بالنجدة والشهامة، وقد اشتهر منهم جماعة بالنبل والبسالة »(3).
وكان لبيد الشاعر يقول فيهم: « نحن خيرُ عامرِ بنِ صعصعة »(4).
« وقد رأى الإمام عليه السّلام في زوجته ( أم البنين ) العقل الراجح، والإيمان الوثيق وسموّ الآداب، ومحاسن الصفات، فأعزّها وأخلص لها كأعظم ما يكون الاخلاص »(5).

صفاته وميزاته
يقول السيّد عبدالرزاق المقرّم: « هذه الفضائل كلها وان كان القلم يقف عند انتهاء السلسلة إلى أمير المؤمنين عليه السّلام فلا يدري اليراع ما يخط من صفات الجلال والجمال وأنه كيف عرقها في ولده المحبوب ؟ قمر الهاشميين »(6).
كما يقول أيضاً: « وقد ظهرت في أبي الفضل ( العباس ) الشجاعتان الهاشمية التي هي الأربى والأرقى فمن ناحية أبيه سيّد الوصيين، والعامرية فمن ناحية أمه أم البنين »(7).
في ظلّ هذه الأسرة وُلِد العباس بن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، وقد لُقّب بالسقّاء وقمر بني هاشم، وبطل العلقمي، وحامل اللواء، وكبش الكتيبة، والعميد، وحامي الظعينة، وباب الحوائج(8)، وكُنيّ بأبي الفضل، وأبي القربة،(9) وأبي القاسم(10).

شجاعته واخلاصه
« كان العباس رجلاً وسيماً جميلاً، يركب الفرس المطهّم ورجلاه تخطان في الأرض، وكان يقال له: قمر بني هاشم. وكان لواء الحسين بن عليّ عليه السّلام معه يوم قُتل »(11).
وروي عن أبي عبدالله الصادق عليه السّلام: « كان عمنا العباس بن عليّ نافذ البصيرة، صلب الإيمان، جاهد مع أبي عبدالله عليه السّلام وأبلى بلاءً حسناً ومضى شهيداً »(12).
وعن عليّ بن الحسين عليه السّلام: « رحم الله العباس فلقد آثر وأبلى وفدى أخاه بنفسه » وكانت له عليه السّلام صفات عالية وأفعال جليلة امتاز بها، ( منها ) أنه كان أبداً شجاعاً فارساً وسيماً جسيماً وانه كان صاحب لواء الحسين عليه السّلام واللواء هو العلم الأكبر ولا يحمله إلاّ الشجاع الشريف في المعسكر.
( ومنها ) انه لما طلب الإمام الحسين عليه السّلام من أصحابه الرحيل قام إليه العباس عليه السّلام فقال: « ولِمَ نفعل ذلك ؟ لنبقى بعدك ؟ لا أرانا الله ذلك أبداً.
( ومنها ) انه لما أخذ عبدالله بن حزام ابن خال العباس أماناً من ابن زياد في كربلاء للعباس واخوته من أمه قال العباس وإخوته: لا حاجة لنا في الأمان، أمان الله خير من أمان ابن سمية.
كما أجاب العباس الشمرَ ( وهو بعض أخواله ): لعنك الله ولعن أمانك، أتُؤمننا وابن رسول الله لا أمان له ؟!
ومن شجاعته أنه في كربلاء حين حوصر أربعةُ رجال بين الأعداء ندب إليهم الحسين عليه السّلام أخاه العباس فحمل على القوم وضرب فيهم بسيفه حتى فرّقهم عن أصحابه ووصل إليهم فسلموا عليه وأتى بهم ولكنهم كانوا جرحى... »(13).

العباس مع أبيه
ولد العباس عليه السّلام سنة 26هـ وقتل في سنة 61هـ وعمره أربع وثلاثون عاش منها مع أبيه أمير المؤمنين عليه السّلام أربع عشرة سنة وحضر بعض الحروب فلم يأذن له أبوه في النزال(14).
إن إمضاء هذه السنوات حتّى البلوغ مع أبيه عليه السّلام إنما يكشف عن عمق الاستفادة من أبيه علماً وأدباً وشجاعة وخلقا وتديّناً. إذ في هذه السنوات تكتمل المكوّنات وتبدو الملامح البارزة لشخصية الإنسان.
« ولقد غذّاه أبوه بعلومه وتقواه، وأشاع في نفسه النزعات الشريفة، والعادات الطيبة ليكون مثالاً عنه، وأنموذجاً لمثله »(15).
وقد « دعاه أبوه عليه السّلام في عهد الصبا وأجلسه في حجره وقال له: قل واحد، فقال: واحد، فقال له قل: اثنين، فامتنع، وقال: اني أستحي أن أقول اثنين بلسان قلت به واحداً »(16).
« وإذا كان الإمام عليه السّلام يربي البعداء الأجانب بتلك التربية الصحيحة المأثورة حتى استفادوا منه أسرار التكوين، ووقفوا على غامض ما في النشأتين... فهل من المعقول أن يذر قرة عينه وفلذة كبده خلواً من أي علم ؟ »(17).
قال المحقق الفقيه المولى محمد باقر القاييني نزيل بيرجند في كتاب الكبريت الأحمر / ج 3 / ص 45 /: « إن العباس من أكابر وأفاضل فقهاء أهل البيت عليهم السّلام، بل إنه عالم غير متعلم، وليس في ذلك منافاة لتعليم أبيه إياه »(18).
وقد عاصر العباس عليه السّلام الحروب التي خاضها أبوه عليه السّلام والأحداث التي عصفت بالأمّة الإسلامية كفتنة مقتل عثمان، ثم بيعة الإمام عليه السّلام والنكث بها من قبل البعض، ثم معركة الجمل، ومعركة صفين، ومعركة النهروان...(19).
و « لقد شاهد أبو الفضل العباس عليه السّلام خلافة أبيه وما رافقها من الأحداث الجسام، وما قاساه أبوه من المصاعب والمشاكل في سبيل تطبيق العدالة الاجتماعية على واقع الحياة العامة بين المسلمين... ».
« لقد وعى العباس الأهداف المشرقة التي كان ينشدها أبوه فآمن بها وجاهد في سبيلها، وقد انطلق مع أخيه سيّد الشهداء إلى ساحات الشرف والجهاد من أجل أن يعيد للمسلمين سيرة أبيهما الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام ومنهجه المشرق في عالم السياسة والحكم »(20).

مع الحسن والحسين عليهم السّلام
تسلّم الإمام الحسن عليه السّلام الخلافة بعد استشهاد أبيه عليه السّلام، ومالت الأمور لغير صالح الحسن عليه السّلام الذي ورث من أبيه جيشاً مفككاً، ميّالاً لحب الدنيا، متخاذلاً متقلباً متجابناً، وقد دبّت فيه حالة الخيانة والتثاقل إلى الأرض، والتقاعس عن الجهاد وعن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر...
مما اضطُرّ الإمام الحسن عليه السّلام لأن يقيم صلحاً مع معاوية اشترط عليه فيه شروطاً خانها معاوية ولم يلتزم بها.
فكان أول ما يعانيه الحسن والحسين ومعهما العباس عليهم السّلام بعد الصلح غدر معاوية بشيعة أبيهم عليه السّلام وقتلهم وسجنهم ومطاردتهم في الأمصار، حتى وصل الأمر إلى قتل الحسن عليه السّلام نفسه بدسّ السم إليه.
وبالإجمال فقد استمرت معاناة العباس عليه السّلام والآلام تقرح قلبه وقلب اخوته وأهل بيته وشيعتهم منذ خلافة أبيه، وما عاناه حتى استشهاد الإمام الحسن عليه السّلام وما عقبه من ظلم وانحراف وتدليس للحق بالباطل وتحويل الخلافة الإسلامية الحقة إلى ملك عضوض كما يقول الجاحظ.
وصبر العباس عليه السّلام مع أخيه الحسين عليه السّلام منذ شهادة الإمام الحسن عليه السّلام التزاماً بشروط الصلح مع معاوية وصبرا حتى يأتي اليوم الذي تدرك فيه الأمّة حقيقة المواجهة وأبعاد الصراع بين الحق والباطل، صبرا ينتظران الفرصة السانحة لكشف القناع والخداع والزيف الأموي.
صبرا على مضض وأبوهما أمير المؤمنين وإمام المتقين عليه السّلام يُسَبّ على المنابر بأمر وتحريض من معاوية حتى غدا ذلك وكأنه من واجبات الدين ومتممات الخُطَب!
ولقد مليء قلب الحسن وبعده الحسين والعباس قرحاً وغيظاً، وتألمت نفوسهم الأبية بانتظار الوقت المناسب للتحرك والثورة على الظلم والفساد.

شهادة العباس
مَن مثلُ العباس في منزلته وموقعه... إلى جنبٍ الحسين عليه السّلام في موقفه والتزامه.. يلتزمه إماماً ومنهجاً وقدوة وهادياً وقائداً إلى الجنة.. ولقد ضنّ به الحسين عليه السّلام عن الحرب والنزول للميدان حتّى ذاب قلب أبي الفضل أسى وحزناً، وضاق صدره لما عاناه إذ ظلّ في كربلاء يوم العاشر من المحرم وأخوه الحسين يستقبلان شاباً أو فتى أو غلاماً أو عزيزاً أو صاحباً مضرجاً بدمه، وهما يسمعان عويل الأيامى والثكالى والأيتام.. حتّى أرسل العباس رضي الله عنه إخوته الثلاثة لأمه أمامه ليطمئن على وفائهم لسيّد الشهداء ومبدئه عليه السّلام: « تقدموا يا بني أمي حتّى أراكم نصحتم لله ولرسوله.. ».
ولشدة حاجة الحسين عليه السّلام لأخيه العباس واعتماده عليه خاطبه قائلاً: « أنت صاحب لوائي » « أنت قائد عسكري » وبعد شهادته وهو يرجع حاملاً قربة الماء للأطفال قال الحسين عليه السّلام يرثي حاله وأخاه وقد بقي بعده وحيداً فريداً:
« الآن انكسر ظهري، وقلّت حيلتي، وشمت بي عدوي... »، « الآن تشتت عسكري » مع أن العباس رضي الله عنه كان آخر من بقي من الآل والأصحاب مع الحسين عليه السّلام.
وخير ما نختم به اطلالتنا على جوانب من سيرة العباس عليه السّلام قول الشاعر:

أحقُّ الناس أن يُبكَى عليـه فتى أبكى الحسينَ بكـربلاءِ
أخوه وابـن والـده علـيٍّ أبو الفضل المضرَّج بالدماءِ
ومن واساه لا يثنيه شـيء وجاد له على عطش بمـاءِ

وقول شاعر آخر:

لا تنـس للعبـاس حُسنَ مقامـه في الروع عند الغـارة الشعـواءِ
واسى أخاه بهـا وجـاد بنفسـه في سَقْـي أطفـال لـه ونسـاءِ
ردّ الألوف على الألوف معارضاً حـدّ السـيـوف بجبهـة غـرّاءِ

الهوامش
--------------------------------------------------------------------------------
1 ـ مقاتل الطالبيين / أبي الفرج الأصبهاني:87.
2 ـ أعيان الشيعة / السيّد محسن الأمين 429:7.
3 ـ العباس بن عليّ، رائد الكرامة والفداء / باقر شريف القرشي / ط. دار الكتاب الإسلامي / قم / ص 20.
4 ـ العباس بن علي رائد الكرامة والفداء وأعيان الشيعة 429:7.
5 ـ العباس بن عليّ / القرشي / ص 22.
6 ـ العباس ابن الإمام أمير المؤمنين / السيّد عبدالرزاق المقرّم، ط. قم / ص 28.
7 ـ العباس ابن الإمام أمير المؤمنين / السيّد عبدالرزاق المقرّم، ط. قم / ص 69.
8 ـ العباس بن عليّ / القرشي / ص 28.
9 ـ أعيان الشيعة / ج 7 / ص 429. مقاتل الطالبيين / ص 89.
10 ـ العباس بن عليّ / القرشي / ص 26.
11 ـ المقاتل / ص 90.
12 ـ الأعيان / مرجع سابق / ص 430.
13 ـ الأعيان / مرجع سابق / ص 430.
14 ـ الأعيان / مرجع سابق / ص 429.
15 ـ العباس بن عليّ / القرشي / ص 32.
16 ـ العباس بن الإمام / المقرّم / ص 92 نقلاً عن خاتمة المستدرك للعلامة النوري وعن مقتل الحسين / للخوارزمي.
17 ـ المقرّم / ص 93.
18 ـ المقرّم / ص 95.
19 ـ القرشي / ص 85.
20 ـ القرشي / ص 91.

آه يا زينب السيدة زينب في سطور

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى.

ليس في دنيننا الإسلام وغيره من الديانات الاخرى نسبٌ أرفع ولا أسمى من نسب السّيدة الحوراء زينب (عليها السلام)، فقد تفرّعت من شجرة النبوة والإمامة، وتكونت عندها جميع أواصر الشرف والكرامة والشجاعة والنبل، فهي فرع زاكٍ من نبي الاسلام (صلّى الله عليه وآله) ومن وصيه الإمام عليّ (عليه السّلام)، وهما أفضل ما خلق الله من بني الإنسان، فتبارك هذا النسب الوضّاح وتعالت تلك الاُسرة الكريمة التي جعل الله فيها عز العرب والمسلمين وجعلها مصدر الوعي والإلهام للمسلمين على امتداد الازمنة .

وعلى أيّ حال فهذه نبذة موجزة عن سيّدتنا زينب (عليها السّلام) التي تفرّعت عن تلك الشجرة الكريمة، فقد ورثت جميع نزعات آبائها وخصائصهم وصفاتهم، حتى صارت صورة مشرقة عنهم.
فكانت (عليها السلام) من أفضل نساء المسلمين في جهادها وخدمتها للإسلام، بل انها كانت سيدة نساء زمانها كما كانت امها السيدة الزهراء (عليها السلام) سيد نساء العالمين.
تاريخ ولادتها:
أمّا سنة وُلادتها (عليها السلام)، فقد اختلف المؤرخون والرواة في تاريخها، والذي يترجّح عند اشهر المحققين هو أنّ ولادتها (عليها السلام) كانت في السنة الخامسة من الهجرة.
نشأتها وما عانته في حياتها:
فقد نشأت وتربت السيدة زينب (عليها السلام) في بيت الرسالة في احضان ملئها الدفء والراحة وتنشر العلم والفصاحة والشجاعة على اهلها تربت في بيت لطالما نزل فيه وحي الله متوسلا لله بالهبوط فيه يحمل وحيه تعالى الى نبيه الكريم على مرأى ومسمع من اهل ذلك البيت وما يدل عليه قول النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام) "يا علي انك ترى ما ارى وتسمع ما اسمع الا انك ليس بنبي " وليس لأحد يستطيع المزايدة على السيدة زينب في الدين والنسب، وهي وليدة النبوة، وخريجة بيت الوحي والرسالة، وعقلية بني هاشم؟
وحينما نقرأ شخصيتها العظيمة، ونراها العالمة العارفة، والمعلّمة المحدّثة، التي كانت تعلّم النساء، ويروي عنها الرجال.
لكن ماذا حدث بعد ذلك، لقد شاهدت السيّدة زينب الكوارث والخطوب التي أحاطت بأمها وأبيها واخويها كل ذلك بعد رحيل جدها (صلى الله عليه وآله) فملئت قلبها الزاكي أسى وحزناً، وعرفتها بما تكنّه قريش من الحقد والحسد لأبيها، وسائر أبناء الاُسرة النبوية.
لقد عانت عقيلة بني هاشم السيّدة زينب (عليها السلام) في عهد طاغية بني امية أشقّ وأقسى ألوان المصائب والكوارث، كما تعرّضت الاُسرة النبوية إلى الإبادة الشاملة، فقد جزّروا كالأضاحي، ومثّلت الجيوش الاُموية أشرّ تمثيل بأجسامهم الطاهرة كل ذلك كان بمرأى منها (عليها السلام)، فذابت نفسها أسى وحسرات، ولم تقتصر محنتها على ذلك وإنّما تعدّت إلى ما هو أقسى وأشدّ، فقد سبيت مع عقائل الوحي ومخدرات الرسالة يطاف بهنّ من بلد إلى بلد، فتارة يمثلن أمام ابن مرجانة، واُخرى في مجلس يزيد، فلم تبق محنة من محن الدنيا، ولا فاجعة من فواجع الدهر إلاّ جرت عليها (عليها السلام) في عهد هذا الطاغية الأثيم. ولكنها لم تعط بيدها اعطاء الذليل كما صنع اخوها الحسين (عليه السلام) حيث قال والله لا اعطيكم بيدي اعطاء الذليل ولا اقر لكم اقرار العبيد فحاربهم حتى نال الشهادة (عليه السلام). فنحن نرى السيدة زينب (عليها السلام) لم تعط المجال لهم ليجعلوا حرائر الرسالة عبيد عندهم بل اقامت ثورة اعلامية وضحت من خلالها كل ملابسات تلك الحرب التي كانت تستعر نارها ضد بيت الرسالة حتى قلبت الشام على ال امية بكل شجاعة فكانت (عليها السلام) هي العنوان الاوضح لإعلام الثورة الحسينية على الظلم والطغيان.
وقد تمخضت حياتها (عليها السلام) وما رافقتها من جهاد الاعداء بعد كل تلك المصائب التي جرت عليها حتى وافاها الاجل وانتقلت الى بارئها حزينة مضطهدة حرقة على ما جرى على اخيها الامام الحسين (عليه السلام) وما عاشته من آلام ومرارة السبي على يدي اعتى طواغيت العصر بل الدنيا فارتحلت الى جوار ربها لتلتحق بذلك الركب الذي جعل روحه في سبيل اعلاء كلمة الله، ماتت (عليها السلام) وهي السيدة المدافعة عن احقية ثورة اخيها (عليه السلام).
اما تاريخ وفاتها ومدفنها (عليها السلام) فقد اختلف فيه من أنها (عليها السلام) توفيت في الشام في النصف من شهر رجب من العام الخامس والستين من الهجرة وهو عام المجاعة، ودفنت في الجهة الشرقية الجنوبية على بعد سبعة كيلو مترات من مدينة دمشق التي تسمى بريف دمشق. واليوم قد اخذت تلك المنطقة اسما يذاع باسم السيدة زينب.
أو انها توفيت في مصر بناءً على الرواية التي تقول بأن السيدة زينب (عليها السلام) حينما غادرت المدينة المنورة بضغط من والي المدينة الأموي عمرو بن سعيد الأشدق فإنها توجهت الى مصر واستقبلها الوالي مسلمة بن مخلد وأنزلها داره بالحمراء في القاهرة، وبعد احدى عشر شهراً وخمسة عشر يوماً توفيت في النصف من شهر رجب من العام الثاني والستين من الهجرة، وصلى عليها الوالي مسلمة بن مخلد، ودفنها بمخدعها من الدار حسب وصيتها، وعلى هذا القول يقع ضريح السيدة زينب في الجهة البحرية من دار مسلمة بن مخلد الأنصاري.
لكن الارجح كون مكان قبرها الشريف هو الاول. وذلك لدلائل تدل عليه لا يسعني ذكرها هنا طلبا لاختصار فتطلب من كتب التحقيق المرجحة لهذا القول الذي هو الارجح والاصح فيها.
السلام عليكِ سيدتي زينب الحوراء يوم ولدتي ويوم توفيتي ويوم تبعثين لتشكين لله مظلوميتكِ

ولعن الله المعتدين على قبركِ في سوريا من الوهابية التكفيرين واعوانهم الغرب واسرائيل الى يوم الدين.

"نحن معاشر الانبياء لا نورث" حديث صحيح أم مصطنع

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى.

رحل رسول الله (صلى الله عليه وآله) الى لقاء ربه تعالى في الثامن والعشرين من شهر صفر في السنة الحادية عشرة للهجرة، وقد ترك من أهل بيته وريثته الوحيدة السيدة الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السلام) من ابنائه وعدد من زوجاته. لكن وللأسف بعد أن استولى أبو بكر على زمام الحكم بعد شهادة الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) متناسياً حكم رسول الله (صلى الله عليه وآله) في تشخيص الخليفة من بعده ولم يكتف بهذا التصرف الهمجي لسلب الخلافة من الامام علي (عليه السلام) عمد الى نقض العهود التي عهدها رسول الله (صلى الله عليه وآله) على الامة بقوله: (فاطمة بضعتي وروحي التي بين جنبي)، عمد الى سلب حقها وميراثها من ابيها (صلى الله عليه وآله) مدعياً على رسول الله (صلى الله عليه وآله) كذباً وزوراً انه قد قصد من قوله: " نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة " أنه اراد به عدم توريث اهل بيته مما تركه بعد موته، بل كل ما كان عند النبي من مواريث لم تكن لأهل بيته بل هي صدقة تعطى للفقراء من المسلمين متناسياً قوله تعالى في سورة النساء:
1 - (للرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً )سورة النساء آية: 7.
2 - وقال: (يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيماً * وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ *)سورة النساء الآيتان: 11-12.
وما ذهب إليه العامة تبعاً لتفسير ابي بكر من أن الأنبياء لا إرث لهم مطلقا فهو مخالف لظاهر الآيات القرآنية الدالة على توريث الأنبياء.
فان المتمعن في حقيقة هذا الحديث المنسوب الى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ان صحت نسبته للاحظ أموراً عدة:
أولاً: أنه حديث لم يسمع ألا من أبي بكر فهو خبر آحاد. ولعل قول الزهراء (عليها السلام) عند ما منعت من تعطى نصيبها قد استشهدت بقوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ) أرادت في ذلك الاشارة إلى ان خبر ابي بكر هو خبر، وخبر الاحاد لم يكن عليه الاعتماد.
ثانياً: ان هذا الحديث لو صح لكانت الزهراء (عليها السلام) أو أحد من الائمة (عليهم السلام) قد سمعوا هذا الحديث وروه أو على الاقل لذكر من قبل الصحابة الذين سمعوا وكتبوا عنه (صلى الله عليه وآله).
ثالثاً: ان الحديث الذين احتج به على نكران حق الزهراء (عليها السلام) مخالف لظاهر الآيات الدالة على ان الانبياء قد ورثوا ابنائهم، كما ذكر الله تعالى ذلك في كتابه المجيد بقوله: (يرثني ويرث من آل يعقوب) سورة مريم: 19 / 6. وقوله تعالى: (وورث سليمان داود) سورة النمل 27 / 16.
اننا قد نلاحظ خلاف مدعى ابي بكر وقد تبعه عمر بن الخطاب بذلك ان عائشة قد احتفظت بدار رسول الله (صلى الله عليه وآله) الى وقت هلاكها فلم نرَ ان ابا بكر ولا عمر من بعده قد اخرجا عائشة من بيت النبي (صلى الله عليه وآله)
وإعطائه صدقة كما فعل بإرث الزهراء (عليها السلام) بل خلاف ذلك قد استولت على كل ما ترك رسول الله (صلى الله عليه وآله) لبنته وأزواجه وكما قال الشاعر في ذلك:

تجملتي تبغلتي ولو عشتي تفيلتي *** لكي التسع من الثمن وبالكل تملكتي

رد شبهة الانتظار اختراع العقل الانهزامي

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى.

بعد ان عجز الناكرون لعقيدة الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) من ان يضيعوا هذه الحقيقة نحو منحاً اخر لتشويه هذه الحقيقة التي طال ما أكد رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليها فعمدوا الى رمي التهم لأتباع هذا الاعتقاد المنسجم مع ما جاء به النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) فأثاروا هذه الشبهة بقولهم ان (الانتظار اختراع العقل الانهزامي), ارادوا بذلك ان ينشروا في اوساط الناس البسطاء ان الشيعة وبعد ما عجزوا عن اظهار حقهم والدفاع عنه عمدوا بعقولهم الانهزامية ان يخرجوا ما يصبرون به انفسهم من ان هناك مهدي منتظر منقذ يخرج لإخراجهم مما هم عليه من الفقر والانعزال والانهزام .
الجواب:
ان المنعطف الذي مرت فيه قضية الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) جاء بسبب السياسات التي توالت من قبل الحكام على مر السنين مما جعل ارباب تلك السياسات مع ما يؤول له وجود المهدي وديمومة الاعتقاد به الى اندثار طموحاتهم وطمس نفوذهم عمدوا الى طمس ذكره بتحرف ما جاءت به الروايات من ذكر وبيان متناسين جل تلك الروايات التي رويت من كبار علمائهم من انها دالة عى هذه الحقيقة الواضحة البيان وان المهدي الموعود حقيقة قد بشرت به الاديان السابقة فضلاً عن أئمة المذاهب الاسلامية الاخرى وعلماءها مما ذكر من رواتهم نذكر جملة منها:
فتح الباري بشرح صحيح البخاري، الجزء 6، باب نزول عيسى ابن مريم عليهما السلام، صفحة 570 : (وفي صلاة عيسى (عليه السلام) خلف رجل من هذه الأمّة، مع كونه في آخر الزمان، وقرب قيام الساعة، دلالة للصحيح من الأقوال (أنّ الأرض لا تخلو من قائم لله بحجّة) والله العالم).
واخرج ابن ماجه والحاكم وأبو نعيم- وجميعهم من أئمة الحديث- عن أبى أمامة- وذكر حديثاً جاء فيه-:
"وإمامهم المهدي رجل صالح، فبينما إمامهم تقدم يصلي بهم الصبح إذ نزل عيسى بن مريم فرجع ذلك الإمام يمشي القهقرى ليتقدم عيسى، فيضع عيسى يده بين كتفيه ثم يقول له: تقدم فصل فإنها لك أقيمت فيصلي بهم إمامهم"
وروى السدي:
"يجتمع المهدي وعيسى بن مريم في وقت الصلاة فيقول المهدي لعيسى: تقدم، فيقول عيسى: انت أولى بالصلاة، فيصلي عيسى وراءه مأمونا..."
وذكر البخاري في صحيحه بإسناده الموصول إلى رسول الله صلى الله عليه وآله على النحو التالي:
"كيف انتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم"
وقد أجمع شراح البخاري أن لفظة "إمامكم" الواردة في الحديث المقصود بها(الإمام المهدي) ومما يؤكد هذا أن الحديث جاء في مصادر أخري بصيغة "وإمامكم المهدي منكم"
جاء في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: " لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة - قال- فينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم: تعال صل لنا، فيقول لا، إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله هذه الأرض"
وذكر ابن باز في كلمتٍ له: عقيدة أهل السنّة والأثر، مجلّة الجامعة الإسلاميّة، المدينة المنوّرة 1388 قال: (فأمر المهدي معلوم، والأحاديث فيه مستفيضة، بل متواترة متعاضدة، وقد حكى غير واحد من أهل العلم تواترها… وهي متواترة تواتراً معنويّاً، لكثرة طرقها واختلاف مخارجها، وصحابتها، ورواتها، وألفاظها، فهي تدل على أنّ هذا الشخص الموعود به، أمره حقّ ثابت وخروجه حق).

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More